وَسَيْلِ دَمٍ، إنْ صَحَّتْ إلَّا الْمَوْقُوذَةَ، وَمَا مَعَهَا لِمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ:
ــ
[منح الجليل]
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْحَرَكَةَ لَا تُرَاعَى إلَّا إنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُرَاعَى وَإِنْ وُجِدَتْ مَعَهُ. وَعَطَفَ عَلَى تَحَرَّكَ بِوَاوٍ بِمَعْنَى مَعَ فَقَالَ (وَسَيْلِ دَمٍ) بِلَا شَخْبٍ وَلَا حَرَكَةٍ إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ كَمَخْنُوقَةٍ لَا تَعِيشُ، وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهَا فَتُؤْكَلُ، لِقَوْلِهِ آنِفًا وَإِنْ آيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا، وَهَذَا (إنْ صَحَّتْ) الْبَهِيمَةُ الْمُذَكَّاةُ أَيْ: لَمْ يُضْنِهَا الْمَرَضُ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً فَسَيْلُ دَمِهَا وَحْدَهُ لَغْوٌ، وَكَذَا مَعَ حَرَكَةٍ ضَعِيفَةٍ وَأَمَّا شَخْبُهُ مِنْ مَرِيضَةٍ فَدَلِيلُ الْحَيَاةِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَخْنُوقَةَ الَّتِي لَا تَعِيشُ مَرِيضَةٌ، وَإِنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهَا وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ شَاةٍ وُضِعَتْ لِلذَّبْحِ فَذُبِحَتْ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا شَيْءٌ هَلْ تُؤْكَلُ قَالَا نَعَمْ إذَا كَانَتْ حِينَ تُذْبَحُ حَيَّةً، فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ ثَقِيلَ الْيَدِ عِنْدَ الذَّبْحِ فَلَا تَتَحَرَّكُ ذَبِيحَتُهُ وَآخَرُ يَذْبَحُ فَتَقُومُ الذَّبِيحَةُ تَمْشِي.
ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا إذَا سَالَ دَمُهَا أَوْ اسْتَفَاضَ نَفْسُهَا فِي حَلْقِهَا اسْتِفَاضَةً لَا يَشُكُّ مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا، وَهَذَا فِي الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُضْنِهَا الْمَرَضُ، لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَيْئُوسٍ مِنْهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ تُؤْكَلُ بِسَيَلَانِ الدَّمِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ وَإِذَا كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا فَفِيهَا خِلَافٌ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا فَإِنْ تَحَرَّكَتْ وَسَالَ دَمُهَا أُكِلَتْ وَإِنْ كَانَ السَّيَلَانُ فَقَطْ فَلَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ يَسِيلُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَيْئُوسِ مِنْ حَيَاتِهِ فَقَالَ (إلَّا) الْبَهِيمَةَ (الْمَوْقُوذَةَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَضْرُوبَةِ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ (وَمَا) أَيْ: الَّذِي ذُكِرَ (مَعَهَا) فِي آيَةِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهَا كَالْمُنْخَنِقَةِ بِنَحْوِ حَبْلٍ وَمُتَأَخِّرًا عَنْهَا كَالْمُتَرَدِّيَةِ أَيْ السَّاقِطَةِ مِنْ نَحْوِ شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ فِي بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ النَّطِيحَةُ أَيْ: الَّتِي نَطَحَتْهَا بَهِيمَةٌ أُخْرَى، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ بَعْضَهَا (الْمَنْفُوذَةَ) جِنْسُ (الْمَقَاتِلِ) فَلَا تُؤْكَلُ بِالذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ حُكْمًا وَالذَّكَاةُ لَا تُبِيحُ الْمَيْتَةَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَنْفُوذَةِ مَقْتَلٍ أُكِلَتْ بِالذَّكَاةِ وَإِنْ أُيِسَ مِنْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute