وَفِيهَا أَكْلُ مَا دَقَّ عُنُقُهُ، أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا.
وَذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ
ــ
[منح الجليل]
لِوُصُولِ آلَةِ النَّحْرِ مِنْهُ إلَى الْقَلْبِ فَذَلِكَ وَالذَّبْحُ سَوَاءٌ، وَاكْتَفَوْا بِالْعِبَارَةِ بِالْمَذْبَحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَنْحَرِ وَهُمَا سَوَاءٌ وَالْكُلْيَتَانِ وَالرِّئَةُ فِي مَعْنَى الْقَلْبِ لِلِاتِّصَالِ بِهِ فِي الْجَوْفِ.
(وَفِيهَا) أَيْ: الْمُدَوَّنَةِ (أَكْلُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (مَا) أَيْ: حَيَوَانٍ يَرَى (دُقَّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ: كُسِرَ (عُنُقُهُ) بِتَرَدِّيه مِنْ شَاهِقٍ أَوْ ضَرْبِهِ بِنَحْوِ حَجَرٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ وَهَذَا شَاهِدٌ لِقَوْلِهِ وَأُكِلَ الْمُذَكَّى وَإِنْ أُيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ (أَوْ مَا) أَيْ: حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ (عُلِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَنَّهُ لَا يَعِيشُ) بِسَبَبِ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَنْقٍ أَوْ وَقَذَ أَوْ تَرَدَّى أَوْ نُطِحَ أَوْ أَكَلَ سَبُعٌ بَعْضَهُ (إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا) أَيْ: يَقْطَعْ نُخَاعَهَا قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا، وَهَذَا شَاهِدٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ.
(وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) الَّذِي وَجَدَهُ مَيِّتًا فِي بَطْنِ حَيَوَانٍ مُبَاحٍ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ حَاصِلَةٌ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) أَيْ: الْجَنِينِ فَتُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مُذَكًّى لِخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، رُوِيَ بِرَفْعِ ذَكَاةٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ النَّوَوِيُّ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ تت مِنْ حُصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلُ خَبَرٌ، وَالثَّانِي مُبْتَدَأٌ أَيْ: ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ مَا تَحْصُلُ الْفَائِدَةُ بِهِ وَهِيَ هُنَا لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ عَلَى حَدِّ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا.
وَلِأَنَّ الْمَجْهُولَ هُنَا ذَكَاةُ الْجَنِينِ وَأَمَّا ذَكَاةُ أُمِّهِ فَمُشَاهَدَةٌ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْمَجْهُولُ، وَرُوِيَ بِنَصْبِ الثَّانِيَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلِ ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَرُجِّحَتْ الْأُولَى بِإِنْكَارِ الثَّانِيَةِ، وَبِأَنَّ فِيهَا حَذْفَ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ وَهُمَا أَنْ وَالْفِعْلُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَبِأَنَّ فِيهَا إضْمَارًا كَثِيرًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا فَلَا شَاهِدَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ نَصَّهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ ذَكَاتُهُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ} [الأعراف: ١٥٥] ، وَهُوَ أَوْلَى لِقِلَّةِ الْإِضْمَارِ وَجَمْعِهِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَا هُوَ الْأَوْلَى بِذِكْرِ الْبَاءِ، وَعَبَّرَ بِذَكَاةٍ لِيَشْمَلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَطْنِ مَا يُنْحَرُ كَشَاةٍ فِي بَطْنِ نَاقَةٍ وَعَكْسِهِ كَبَعِيرٍ فِي بَطْنِ شَاةٍ، وَلَا يَشْمَلُ مُبَاحًا فِي بَطْنِ مُحَرَّمٍ كَشَاةٍ فِي بَطْنِ خِنْزِيرَةٍ وَلَا عَكْسُهُ كَخِنْزِيرٍ فِي بَطْنِ بَقَرَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute