. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِزَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ لِنَفْسِهِ فَرُبَّمَا أُوذِيَ أَوْ ضُرِبَ لَوْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُعْذَرْ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الضَّرُورَةِ، وَشُرِطَ فِي الْأُخْرَى أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَهُوَ فِي الثَّمَرِ الَّذِي أَوَاهُ إلَى حِرْزِهِ، وَالزَّرْعِ الَّذِي حَصَدَ وَأُوِيَ إلَى حِرْزِهِ، وَالْغَنَمِ الَّتِي فِي حِرْزِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ رُبَّمَا تُقْطَعُ يَدُهُ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ عَلَى وَجْهِ السِّرِّ هُوَ الَّذِي يُعَاقَبُ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَتَعَرَّضْ لِأَخْذِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ يَدِهِ اهـ كَلَامُ الْبَاجِيَّ.
طفي قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِمْ التَّصْدِيقَ، وَأَنْ لَا يَنْسُبُوهُ لِلسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لِلسَّرِقَةِ الْمَنْفِيَّةِ بِالتَّصْدِيقِ فِيمَا أَخَذَهُ خِفْيَةً فَالْمَدَارُ عَلَى التَّصْدِيقِ، فَإِنْ عَلِمَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ خُفْيَةً وَجِهَارًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا. أَمَّا الَّذِي لَا قَطْعَ فِيهِ فَلَهُ أَخْذُهُ خُفْيَةً كَمَا رَوَى مُحَمَّدٌ وَكَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُوَطَّإِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ وَيَضْرِبُونَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ أَيْ وَإِنْ خَافَ الضَّرْبَ. وَمَعْنَى إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ أَنْ يُصَدِّقُوهُ، فَقَوْلُ عج كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ الَّذِي فِي سَرِقَتِهِ قَطْعٌ، وَإِنْ خَافَ بِسَرِقَتِهِ الضَّرْبَ وَالْإِذَايَةَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. وَغَرَّهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ اهـ الْبُنَانِيُّ.
قُلْت وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَدْته مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمَعْنَى، وَحَاصِلُهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ الْقَطْعُ يُشْتَرَطُ فِي أَخْذِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُقْطَعَ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ خِفْيَةً هُوَ مَحَلُّ الْقَطْعِ، وَأَمَّا مَا لَا قَطْعَ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ فِي أَخْذِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُضْرَبَ وَيُؤْذَى، وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْإِذَايَةِ وَالضَّرْبِ فِيمَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute