مفاد كلام الشيخ -رحمه الله تعالى- أن قولنا: لا يوجد أفضل من فلان أو ما على وجه الأرض أفضل من فلان أن الحقيقة العرفية تدل على تفضيل هذا المذكور على جميع من على وجه الأرض، فصار حقيقةً عرفية، وإن كان في الأصل اللغوي أنها تنفي الأفضل، ولا تنفي وجود المساوي، هذا كلام الشيخ -رحمه الله تعالى-، يقول:"فإن هذا التأليف يدل على أنه الأفضل والأعلم والخير".
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- حينما ذكر هذا الكلام وهو كلامٌ جميل ونفيس، يرد عليه ما ذكره ابن القطاع في شرح ديوان المتنبي قال:"ذهب من لا يعرف معاني الكلام إلى أن مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجةً من أبي ذر)) مقتضاه أن يكون أبو ذر أصدق العالم أجمع، ((ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجةً من أبي ذر)) فمقتضاه أن يكون أبا ذر أصدق العالم أجمع، قال: "وليس المعنى كذلك، وإنما نفى أن يكون أحدٌ أعلى رتبةً في الصدق منه، ولم ينفِ أن يكون في الناس مثله في الصدق، ولو أراد ما ذهبوا إليه لقال: أبو ذرٍ أصدق من كل من أقلت" والحديث مخرج في المسند والترمذي وابن ماجة، والحديث بمجموع طرقه حسن، حسنه الترمذي والسيوطي والألباني، وقال الحافظ: "إسناده جيد".
المقدم: كأني فهمت أن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لا يؤيد أن صحيح مسلم أفضل من صحيح البخاري ولا حتى مساوياً له، وإنما يقول: أن هذه العبارة خاطئة، هل فهمي صحيح؟
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لا يعرض للصحيحين، كلامه ليس له علاقة بالصحيحين في الآية، كلامه يوضح لنا كلام أبي علي النيسابوري، وأنا أبا علي النيسابوري يرى أن صحيح مسلم أفضل بهذه العبارة، ولا يعني أنه ينفي الأفضل بل يثبت المساوي لا، لا يعني هذا.
المقدم: فهم الآية حتى أن من قال: أنه أقر بأن صحيح مسلم أفضل من صحيح البخاري لم ينفِ أن يكون متساوياً، لكن من فهم الآية ينفي أن يكون متساوياً.
نعم، إذا قلنا: الحقيقة العرفية لمثل هذا التركيب يجعل المذكور أفضل من غيره مطلقاً، نأتي إلى الحديث حديث:((ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء)) لا يوجد على ظهر الأرض أصدق لهجةً من أبي ذر.