يقول النووي في شرح مسلم:"قوله: إن أول ما أنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [(١) سورة المدثر] ضعيف، بل باطل" أقول: هذه العبارة وإن صدرت من النووي إلا أنه لكونه القائل صحابي لا تليق؛ لأن هذا فهم الصحابي، هو ثابت إلى الصحابي وهو في الصحيحين، لكن هذا فهمه، تقول: باطل وهو قول صحابي؟ نعم قولٌ مرجوح، والراجح غيره، هذا فهمه.
ثم استدل النووي على ما ذهب إليه حيث قال: والصواب أنه أول ما نزل على الإطلاق {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(١) سورة العلق] كما صرح به في حديث عائشة -رضي الله عنها-، وأما {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [(١) سورة المدثر] فكان نزولها بعد فترة الوحي، كما صرح به في رواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر، والدلالة صريحة فيه في مواضع منها: قوله: وهو يحدث عن فترة الوحي إلى أن قال: فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} عن فترة الوحي، فأنزل الله:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [(١) سورة المدثر] دليلٌ على أن هناك وحي قبل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((فإذا الملك الذي جاءني بحراء، ثم قال: فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فدل على أن الملك جاءه قبل ذلك بحراء، ومنها قوله: ثم تتابع الوحي يعني بعد فترته، كل هذه أدلة على أن أول ما نزل من القرآن (اقرأ) وإن فهم الصحابي أن أول ما نزل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} يقول الطيبي: في قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(١) سورة العلق] يقول: هذا أمرٌ بإيجاد القراءة مطلقاً، وهو لا يختص بمقروءٍ دون مقروء، فقوله:{بِاسْمِ رَبِّكَ} أي قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فهذا يدل على أن البسملة مأمورٌ بها بابتداء كل قراءة.