المقدم: أحسن الله إليكم أخيراً بالنسبة لسورة (اقرأ) بعضهم يقول: (اقرأ) وبعضهم يقول: (العلق) فيها تسمية ثابتة؟
السورة قد تسمى بأبرز ما فيها، وقد تسمى بأول لفظٍ منها، والأدلة على ذلك من سور القرآن كثيرة، كما يقال: الفاتحة والحمد، وهكذا.
وقفنا على قولها:"فرجع بها" أي بالآيات أو بالقصة، والفاعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، "يرجف" يخفق ويضطرب، "فؤاده" الفؤاد: هو القلب، أو باطن القلب، أو غشاء القلب، على خلافٍ في ذلك بين الشراح، لما فجأه من الأمر المخالف للعادة والمألوف، فنفر طبعه البشري وهاله ذلك، ولم يتمكن من التأمل في تلك الحالة؛ لأن النبوة لا تزيل طباع البشر كلها، "فدخل -صلى الله عليه وسلم- على خديجة بنت خويلد" أم المؤمنين -رضي الله عنها- التي ألف تأنيسها له فأعلمها بما وقع له، وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، وهي أم أولاده كلهم، خلا إبراهيم فمن مارية القبطية، ولم يتزوج قبلها ولا عليها حتى ماتت -رضي الله عنها-، توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين على الأصح، فأقامت أربعاً وعشرين سنة وأشهر، وهي أول من آمن من النساء اتفاقاً، بل أول من آمن مطلقاً على قول.
فقال: -صلى الله عليه وسلم-: ((زملوني زملوني)) بكسر الميم من التزميل وهو التلفيف، وقال ذلك لشدة ما لحقه من هول الأمر، والعادة جارية بسكون الرعدة بالتلفلف، "فزملوه -أي لفوه- حتى ذهب عنه الروع" أي الفزع، "فقال -صلى الله عليه وسلم- لخديجة وأخبرها الخبر" جملة حالية، ((لقد)) اللام واقعة في جواب قسم مقدر تقديره: والله لقد ((خشيت على نفسي)) واختلف في سبب الخشية، هل خشي من الموت من شدة الرعب؟ أو خشي من المرض؟ أو خشي أن يفقد عقله -عليه الصلاة والسلام-؟ أو خشي أن لا يطيق حمل أعباء الوحي أو غير ذلك؟ ذكر الحافظ ابن حجر في المراد بالخشية ذكر أن العلماء اختلفوا في المراد بالخشية على اثني عشر قولاً.