يقول:"وهو يحدث عن فترة الوحي"، أي احتباسه والجملة حالية، "فقال في حديثه: ((بينا)) "، بالألف، أصله: بين، فأشبعت فتحة النون فصارت ألفاً، وهي ظرف زمان مكفوف بالألف عن الإضافة للمفرد، ((أنا أمشي)) وجواب (بين) قوله: ((إذ سمعت صوتاً من السماء)) أي في أثناء أوقات المشي فاجأني السماع، ((فرفعت بصري فإذا الملك –جبريل -عليه السلام- الذي جاءني بحراء جالس)) خبر عن الملك الذي هو مبتدأ، ويجوز نصب جالساً على الحال، ((على كرسي)) بضم الكاف، وقد تكسر، وجمعه: كراسي، قال الماوردي في تفسيره:"أصل الكرسي: العلم، ومنه قيل لصحيفة يكون فيها علم: كراسة"، وقال الزمخشري:"الكرسي ما يجلس عليه، ولا يفضل عن مقعد القاعد"، يعني قد يكون الأصل –أصل الكلمة- في العلم، ثم الاستعمال خصصها بما يجلس عليه، فتكون حقيقته العرفية ما يجلس عليه، ((بين السماء والأرض)) ظرف في محل جر صفة لكرسي، ((فرعبت منه)) بضم الراء وكسر العين المهملة مبني لما لم يسمّ فاعله أي فزعت، ((فرجعت)) أي إلى أهلي بسبب الرعب، ((فقلت لهم: زملوني زملوني)) بالتكرار، وفي رواية كريمة مرة واحدة، ولمسلم كالمؤلف في التفسير، يعني الإمام البخاري -رحمه الله- خرج الحديث في كتاب التفسير وخرجه أيضاً مسلم من رواية يونس:((دثروني)) بدل ((زملوني)) قال الزركشي: "وهو أنسب لماذا؟ لقوله:((فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [(١) سورة المدثر] لأن المناسب لقوله: ((زملوني زملوني)) {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [(١) سورة المزمل] أما ((دثروني دثروني)) المناسب له: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} إيناساً له وتلطفاً، والتدثير والتزميل بمعنىً واحد، والمعنى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} بثيابه، وعن عكرمة: أي المدثر بالنبوة وأعبائها، {قُمْ فَأَنذِرْ} [(٢) سورة المدثر] حذر من العذاب من لم يؤمن بك، وفيه دلالة على أنه أمر بالإنذار عقب نزول الوحي للإتيان بفاء التعقيب، واقتصر على الإنذار؛ لأن التبشير إنما يكون لمن دخل في الإسلام، ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه، يعني إلا القليل مثل خديجة، {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [(٣) سورة المدثر] أي عظمه، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [(٤) سورة