وأيضاً فإن الآية المكتوبة إلى هرقل، والآية التي صدر بها الباب، مشتملتان على أن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لإقامة الدين، وإعلاء كلمة التوحيد، يظهر ذلك بالتأمل قاله العيني، وقال ابن حجر: فإن قيل ما مناسبة حديث أبي سفيان في قصة هرقل ببدء الوحي؟ فالجواب: أنها تضمنت كيفية حال الناس مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الابتداء؛ ولأن الآية المكتوبة إلى هرقل بالدعاء إلى الإسلام ملتئمة مع الآية التي في الترجمة، وهي قوله تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [(١٦٣) سورة النساء] ... الآية، وقال تعالى:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [(١٣) سورة الشورى] ... الآية، فبان أنه أوحى إليهم كلهم:{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} [(١٣) سورة الشورى] وهو معنى قوله تعالى: {سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [(٦٤) سورة آل عمران] ... الآية.
الموضع الثاني: في كتاب الإيمان باب بلا ترجمة، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس أخبره فذكره مختصراً.
والباب تالٍ لباب سؤال جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال ابن حجر: باب إلى ترجمة في رواية كريمة وأبي الوقت، وسقط من رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما، ورجح النووي إثبات باب، وزعم أن حذفه فاسد، والصواب إثباته؛ لأن ترجمة الباب الأول لا يتعلق بها هذا الحديث فلا يصح إدخاله فيه، ومقصود البخاري بقصة هرقل أنه سماه ديناً وإيماناً، وقال: وفي الاستدلال بها إشكال؛ لأنه كافر فكيف يستدل بقوله؟ وقد يقال: هذا الحديث تداولته الصحابة -رضي الله عنهم- وسائر العلماء ولم ينكروه، بل استحسنوه، والله أعلم.