الحياء في الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، نقل النووي في شرحه عن الرسالة لأبي قاسم القشيري، وهي رسالة مشهورة معروفة عند أهل العلم، وإن كانت لا تسلم من شيء من المخالفات التي يعتني بها بعض العباد والمتصوفة، لأبي قاسم القشيري عن الجنيد قال: رؤية الآلاء -أي: النعم- ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء، لا شك أن الذي يؤدي العمل على الوجه المطلوب لا يستحي، لكن إذا طلب منك عمل فقصرت فيه، ووفيت الأجر كامل لا بد أن يتولد بينهما حياء، تستحي من هذا الشخص الذي أكرمك، وهذا في حق المخلوق، تستحي من هذا الشخص الذي أكرمك وأعطاك الأجر كاملاً، وعملت له عملاً ناقصاً، وقد جاء مدح الحياء في نصوص كثيرة، قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الحياء من الإيمان)) وقوله: ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) وقوله: ((إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) وغير ذلك من النصوص، قال القاضي عياض وغيره من الشراح: إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة، قد يقول قائل: كثير من الناس يستحي غريزة جبلة، فكيف يرتب عليه الثواب وهو غريزة؟ نعم؟