لا شك أن الحياء الشرعي يبعث على باقي الشعب، فكيف تستحيي ممن أغرقك بالنعم وأنت تزعم أنك تستحيي منه، وأنت لا تأتمر بأوامره، ولا تنزجر عن نواهيه، لا يمكن أن تتصف بهذه الصفة من الحياء الذي تزعمه إلا إذا امتثلت الأوامر، واجتنبت النواهي، ولذا يقول الحافظ: أجيب بأنه كالداعي إلى باقي الشعب إذ الحيي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة، فيأتمر وينزجر، والله الموفق.
وجاء تفسير الحياء مرفوعاً عند الترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((استحيوا من الله حق الحياء)) قالوا: إنا لنستحيي من الله يا رسول الله والحمد لله، قال:((ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، وآثر الآخرة على الأولى، فمن يعمل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)) أولاً: هذا الحديث ضعيف، يقول الترمذي: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد وهو ضعيف، لا شك أنه ضعيف، الحديث ضعيف، ولو صح هذا الخبر لكان هذا التفسير من الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما جاء في تفاسير بعض الحقائق التي تختلف فيها الحقائق العرفية عن الحقائق الشرعية، كتفسيره -عليه الصلاة والسلام- للمفلس، لما سألهم عن المفلس؟ قالوا: المفلس.