"الكرام الموصوفين بكثرة الإنفاق" أي إنفاق الخيرات المعنوية والحسية، وبذلها على أهل الآفاق، "وعلى أصحابه أهل الطاعة والوفاق" الشامل حيث أطاعوا الله وأطاعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأنفقوا في سبيل الله نفائس الأموال، بل أنفقوا وبذلوا المهج فضلاً عن ما يملك من الأموال، "صلاة دائمة مستمرة بالعشي والإشراق" أردف الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة على الآل والأصحاب؛ لكونهم الواسطة بيننا وبينه في نقل دينه، ولما لهم من مواقف جليلة في نصر دينه.
والصلاة في الأصل الدعاء، وهي من الله الرحمة، وروى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه في باب قول الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [(٥٦) سورة الأحزاب] تعليقاً مجزوماً به عن أبي العالية قال: "صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء" وروى عن ابن عباس أنه قال: "يصلون يبركون" وفي جامع الترمذي باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- من أبواب الصلاة، روي عن سفيان الثوري وغير واحدٍ من أهل العلم قالوا:"صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار".
ثم ذكر بعد ذلك المختصِر الصحيح الذي هو الأصل ومنزلته، والباعث على اختصاره، ومنهجه بالاختصار فقال: ...
المقدم: عفواً فضيلة الدكتور، قبل ذلك إذا أذنتم: في قوله: "وعلى آله الكرام" هل الآل هم أهل البيت أم يختلفون عند أهل السنة؟
الآل في الأصل هم الأهل، ولذا يصغر الآل على أهيل، فالآل هم أهل البيت عند جمع من أهل العلم، ومن أهل العلم من يقول: إن آله -عليه الصلاة والسلام- من تبعه على دينه فهو من آله، كما يقال: آل إبراهيم آل فرعون آل كذا، كلهم أتباعه، ولا يخص أهل بيته.