ثم إني أذكر اسم الصحابي الذي روى الحديث في كل حديثٍ ليعلم من رواه، وألتزم كثيراً ألفاظه في الغالب، مثل أن يقول: عن عائشة، وتارة يقول: عن ابن عباس، وحيناً يقول: عن عبد الله بن عباس، وكذلك ابن عمر، وحيناً يقول: عن أنس، وحيناً يقول: عن أنس بن مالك، فأتبعه في جميع ذلك، وتارةً يقول: عن فلان يعني الصحابي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتارةً يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحيناً يقول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كذا وكذا، فأتبعه في جميع ذلك، فمن وجد في هذا الكتاب ما يخالف ألفاظه فلعله من اختلاف النسخ، ولي بحمد لله في الكتاب المذكور ...
بعد أن ذكر ما ينبغي ذكره من الثناء على الله -سبحانه وتعالى- والصلاة والسلام على نبيه وعلى آله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، قال:"أما بعد" وأما حرف شرط وبعد قائم مقام الشرط مبني على الضم؛ لأن المضاف محذوف مع نيته، واختلف العلماء في أول من قال: أما بعد على أقوال ثمانية، يجمعها قول الشاعر:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عُد أقوالٌ وداود أقربُ
والاتفاق على أن الإتيان بها سنة، وهي ثابتةٌ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبه وفي مكاتباته، ولا تتأدى السنة إلا بهذه الصيغة (أما بعد) وبعضهم يقتصر على الواو بدل من أما، سمع فيها عن كثير من المتأخرين، لكن السنة لا تتأدى إلا بأما.