للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

النظر في هذه الأسانيد، وإن كانت صحيحة ثابتة، ورجالها كلهم ثقات.

"قال الإمام النووي في مقدمة كتابه شرح مسلم: وأما البخاري فإنه يذكر الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة" نعم البخاري يقطع الحديث الواحد ويجعله في أماكن متعددة، ويكرر الحديث الواحد في مواضع، لكنه لا يكرر الحديث إلا لفائدة، ولا يمكن أن يكرر الحديث في موضعين بلفظه إسناداً ومتناً إلا فيما ندر، يعني نحو عشرين موضع فقط في الصحيح، وأما ما عدا ذلك فكل المكررات لا بد أن يوجد فيها الاختلاف سواءٌ كان في المتن أو في صيغ الأداء أو في الإسناد، "وكثيرٌ منها يذكره في غير بابه الذي يسبق إليه الفهم أنه أولى به"، سبق أن مثلنا بحديث ضباعة بنت الزبير في الاشتراط في الحج، الباب الذي يسبق الفهم إليه باب الفوات والإحصار في الحج، لكنه -رحمه الله- جعله في كتاب النكاح، (باب الأكفاء في النكاح) ومغزاه بعيدٌ جداً لا ينتبه إليه كثيرٌ من المتعلمين؛ لأن الحديث اشتمل على قول الراوي، وكانت تحت المقداد، وهي قرشية هاشمية ابنة عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك هي تحت المقداد وهو مولى، "فيصعب على الطالب جمع طرقه وحصول الثقة بجميع ما ذكره من طرق الحديث"، قال -يعني النووي-: "وقد رأيت جماعة من الحفاظ المتأخرين غلطوا في مثل هذا، فنفوا رواية البخاري أحاديث هي موجودة في صحيحه في غير مظانها السابقة إلى الفهم، انتهى ما ذكره النووي -رحمه الله-".

كلامه صحيح، وجد من بعض العلماء من نفى رواية البخاري لأحاديث هي موجودة فيه؛ لأن البخاري -رحمه الله- أغرب جداً وأبعد في الاستنباط من الحديث، وجعله في غير مظنته -رحمه الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>