نعم، وأنه ليس له أن ينكر ما لا علم له به، وأنه عند ابن عمر على الوجهين، هذا رأي الإمام النووي، مع أن الاحتمال الذي استبعده ابن حجر السابق أن يكون ابن عمر سمعه على الوجهين ثم نسي، هذا أيضاً موجود عند النووي.
ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- لما أراد أن يؤدب هذا الرجل الذي استدرك عليه، ترى هذا فيه درس، درس لطلاب العلم، يعني قد يسلكه بعض الشيوخ مع طلابه، نعم إذا رأى في طالب استشراف لمثل هذه الاستدراكات، وشم منه أنه يريد الاستدراك لذات الاستدراك، نعم؛ لأنه قد يشم من بعض الناس مثل هذا، فمثل هذا يؤدب بالرد.
المقدم: لكن بشرط أن يكون الرد صحيح والأصل صحيح.
أن يكون الوجهين صحيحين.
لكن الإمام البخاري اعتمد رواية تقديم الحج، وأيد ذلك بقوله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(٩٧) سورة آل عمران].
المقدم: هذا البخاري؟
البخاري قال: كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، وقول الله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(٩٧) سورة آل عمران] فالآية مشعرة بعظم شأن الحج، وقد ورد أحاديث وآثار تدل على ذلك مما لم يرد نظيره في الصيام؛ لأن تذييل الآية بقوله -جل وعلا-: {وَمَن كَفَرَ} [(٩٧) سورة آل عمران] يعني هل هناك .. ، هل يمكن أن يقال: لا رابط بين الجملتين؟ الواو استئنافية ومن كفر؟ أو أنه لا بد من ارتباط الصدر مع العجز؟ لا بد من هذا.
وأبدى الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح نقلاً عن شيخه السراج البلقيني في مناسبات الأبواب لصحيح البخاري فقال:"واختلفت النسخ في الصوم والحج أيهما قبل الآخر" نعم "وكذا اختلفت الرواية في الأحاديث، وترجم عن الحج بكتاب المناسك ليعم الحج والعمرة" هذا كلام ابن حجر، نقلاً عن شيخه البلقيني، لكن أولاً نعرف أن النسخ، عامة النسخ على وجه الأرض من صحيح البخاري ترجمتها كتاب الحج، وأكثر الرواة على هذا، ولم يقل: كتاب المناسك إلا على ما تقدم الأصيلي.