يقول:"وهو وإن كان ورد عن ابن عمر من طريق أخرى كذلك، فذلك محمول على أن الراوي روى عنه بالمعنى، ولم يبلغه نهيه عن ذلك، والله أعلم".
ثم إن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- رتب أبواب الحج على مقاصد متناسبة، فبدأ بما يتعلق بالمواقيت، يعني بعد وجوب الحج، وكيفية الحج الماشي والراكب وعلى الرحل، وفضل الحج المبرور ... إلى آخره، بدأ بما يتعلق بالمواقيت، لماذا؟ لأنه يبدأ بها فعلاً، فليبدأ بها قولاً، فبدأ بما يتعلق بالمواقيت، ثم بدخول مكة، يعني كأنه سائر يرسم صورة لمطبق، فبدأ بما يتعلق بالمواقيت، ثم بدخول مكة، وما معها، ثم بصفة الحج، ثم بأحكام العمرة، ثم بمحرمات الإحرام، ثم بصفة الحج، ثم بأحكام العمرة، ثم بمحرمات الإحرام.
طيب بدأ بصفة الحج، والأصل أن العمرة تكون قبل، وبهذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابة أن يتحللوا من حجهم، ويجعلوها عمرة، فلو ذكر أحكام العمرة قبل أحكام الحج.
المقدم: كان وفقاً للترتيب.
للترتيب، لكن هل معنى هذا أن البخاري يرى التمتع أو يرى الحج الإفراد، أو يرى على ما سيأتي تقريره، يأتي رأيه في المسألة، نعم لكن بدأ بالحج لأهميته، ثم ثنى بأحكام العمرة؛ لأنها أقل في الأهمية من الحج الذي هو ركن الإسلام، ثم بمحرمات الإحرام؛ لأن الأصل في الحج أن يكون خالي من هذه المحرمات، هذا الأصل، ولذلك حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، الذي يشرحه للناس مثلاً، ويجعله منسك، ويعتمد عليه منسك، ويقتصر عليه في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- من خروجه من بيته إلى رجوعه إليه يكفي منسك وإلا ما يكفي؟
المقدم: يكفي، يكفي.
طيب هل نقول: إن الناس يفترض فيهم أن يكونوا مثل النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يرتكبون محظورات؟ كيف نعرف أحكام المحظورات؟ حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- خالية تماماً من المحظورات، فلا بد من ذكر المحظورات؛ لأنه لا بد أن يقع فيها بعض الجهال.
"ثم بمحرمات الإحرام، ثم بفضل المدينة، ومناسبة هذا الترتيب غير خفية على الفطن" قاله الحافظ.