أقول: مما يدل على هذا التفسير -يعني تغطية الوجه من جهة الرأس من الجلباب- ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة والبيهقي وغيره من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنه- قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، يعني عامة أهل العلم على أن إحرام المرأة في وجهها، بل بعضهم يحرم على المرأة أن تغطي وجهها وهي محرمة، فلا يترك مثل هذا الواجب، ويرتكب هذا المحظور إلا لأمر أوجب منه، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه.
المقدم: في قولها: "إحدانا".
إحدانا نعم.
المقدم: تعم النساء؟
نعم إيه.
المقدم: لأنه في إشكال أن يقال: إن هذا خاص بنساء المؤمنين.
"كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
المقدم: الراوي عائشة؟
عائشة، إيه.
المقدم: لكن قولها: "كنا" و"إحدنا" يشمل الجميع.
يشمل الجميع، نعم.
المقدم: لأنه قد يأتي من يقول: بأنه لنساء المؤمنين مثل ما قيل في الدليل الأول.
لكن أجيب عن الدليل الأول، فيدخل هذا تبعه، نعم.
المقدم: من باب أولى.
ومن أوضح الأدلة من السنة على وجوب الحجاب للوجه وجميع البدن حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في قصة الإفك الطويلة المخرجة في البخاري وغيره من دواوين الإسلام، وفيها: لما تخلفت عائشة في البحث عن العقد ونامت.
المقدم: قال: "كنت أعرفها قبل الحجاب".
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من رواء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، يعني لو كان كشف الوجه جائز أو مألوف عندهم أو معروف تقول مثل هذا الكلام؟
المقدم: أبداً.
ما يحتاج إليه، ما يحتاج أن تقول قبل الحجاب الآن، تقول: فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه، يعني لما قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما يحتمل تأويل؟
المقدم: أبداً.
ووالله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ... الحديث بطوله.