لا شك أن هذا من زيادة تحريهم وتثبتهم، وإلا فالذات ما تتغير سواءٌ نسبت أو لم تنسب، لكن لا شك أنه زيادة على القدر الذي رواه شيخه، الشيخ قال: حدثني محمد، أنت تعرف أن محمد تجزم مائة بالمائة أن محمد هو المقصود به ابن بشار، نعم لك أن تزيد في نسبه لكن لا تضيفه إلى من حدثك، فتفصل بين كلامه بكلامٍ يعرف أنه من زيادتك، فتقول: يعني ابن بشار، أو هو بن بشار وهكذا.
المقدم: ولذلك أهل العلم يسمون حديث ابن مسعود: حديث الصادق المصدوق، هل قوله: وهو الصادق المصدوق هذا اللفظة عن ابن مسعود -رضي الله عنه-؟
بلا شك، حدثني الصادق المصدوق يقصد به الرسول -عليه الصلاة والسلام- هي من لفظ ابن مسعود.
المقدم: ومن نقل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدون قول ابن مسعود: حدثني الصادق المصدوق؟
هذا الكلام لا يتغير، والصادق المصدوق هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-، مثل لو قال: رسول الله أو نبي الله، لكن المحافظة على اللفظ الوارد في الأصل أمرٌ عند أهل العلم معتبر، ويعتنون به كثيراً؛ للدقة وزيادة التثبت والأمانة في النقل؛ لئلا يجرؤ أحد لو فتح مثل هذا الباب أن يغير ما يترتب على تغييره تغيرٌ في المعنى، لو فتح الباب للناس كلهم أن يتصرفوا لا سيما في الكتب المدونة المكتوبة، يعني لو فتح المجال لتعرضت هذه الكتب إلى التغيير والتبديل؛ لأنه ليس الناس كلهم على مستوىً واحد من الفهم والإدراك، ولذا جمهور العلماء يجيزون الرواية بالمعنى، ومع ذلك لا يجيزون فيها الكتب في المصنفات، تنقل من صحيح البخاري بالمعنى لا يجوز لك أن تنقل بالمعنى، لكن فيما رويته بالمشافهة عن أحد يجوز أن ترويه بالمعنى؛ لأنه لو تطرقت الرواية بالمعنى إلى الكتب والمدونات لمسخت هذه الكتب وهذه المدونات، كل واحد يزيد بالمعنى، واحد ينقص بالمعنى، واحد يفهم غير فهم الآخر، ثم بعد ذلك تضيع هذه الكتب، بل لا بد إذا نقل من هذه الكتب من مصنف إلى مصنف لا بد أن ينقل بأصله؛ لأن الرواية بالمعنى إنما أجيزت للحاجة، وما دام اللفظ عندنا بالحرف لا حاجة إلى الرواية بالمعنى، فانتفت الحاجة فانتفى الحكم.