محذوف في الأصل، محذوف في الأصل في الموضع الأول هنا، لكن في مواضع لاحقة موجود، فلماذا حذفه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-؟ الذي يغلب على الظن أن الحذف من الإمام البخاري؛ لأنه ثابت من رواية الحميدي، فالسبب في ذلك أن الوجه الأول من أوجه التقسيم الذي حذفه البخاري يوحي بالتزكية، وأن الإمام البخاري قصد ولو من بُعد من تأليفه هذا الكتاب الهجرة إلى الله ورسوله، وإنما أراد أو قصد حذف هذه الجملة مجانبة للتزكية التي لا يناسب ذكرها في هذا المقام، وذلك أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة، والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده الحصر بالقربة أو لا؟ كان مذهب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- جواز اختصار الحديث، وهو قول كثير من العلماء شريطة أن لا يتعلق المذكور بالمحذوف، يعني لا يحتاج إلى المحذوف لبيان المذكور، شريطة أن لا يتعلق المذكور بالمحذوف، وأن يكون الراوي في منزلة بحيث لا يتهم بالتقصير وعدم الضبط إذا حذف أو الزيادة في الخبر إذا رواه تاماً.
والإمام البخاري منزلته أكبر من أن يتهم بأنه حذف أو لم يضبط أو لم يتقن أو أخل بشيء من الحديث أما إذا كان منزلة الراوي الذي اختصر الحديث بحيث لو سمع مرةً تاماً ومرةً ناقصاً يتهم بأنه لم يضبط الحديث بل أخل ببعضه إذا رواه ناقصاً، أو زاد فيه من عنده مما لم يثبت، بل وهم فيه فيما إذا رواه تاماً، ومنزلة الإمام -رحمه الله تعالى- تربو على ذلك.