للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والنية شرطٌ لصحة الأعمال كلها، ومحلها -كما هو معروف- القلب باتفاق العلماء، كما يقوله شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-، فإن نوى بقلبه ولم يتكلم بلسانه أجزأته النية باتفاق، يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "وقد خرج بعض أصحاب الشافعي وجهاً من كلام الشافعي غلط فيه على الشافعي، فإن الشافعي إنما ذكر الفرق بين الصلاة والإحرام بأن الصلاة في أولها كلام، فظن بعض الغالطين أنه أراد التكلم بالنية، الإمام الشافعي يقول: الفرق بين الصلاة والإحرام أن الصلاة في أولها كلام، هذا الغالط الذي حمل كلام الشافعي على أن مراده به النية والنطق بها غلط على الإمام -رحمه الله تعالى-، ما المانع أن يكون مراد الإمام الشافعي -رحمه الله- تكبيرة الإحرام؟ يقول -رحمه لله-: "فظن بعض الغالطين أنه أراد التكلم بالنية، وإنما أراد التكبير والنية تتبع العلم، فمن علم ما يريد فعله فلا بد أن ينويه ضرورة، كمن قدم بين يديه طعام ليأكله، فإذا علم أنه أراد الأكل فلا بد أن ينويه، بل لو كلف العباد أن يعملوا عملاً بغير نية كلفوا ما لا يطيقون، لا يمكن أن يعمل الإنسان عمل يقصده ويريده ويعلمه أن يعمله بغير نية، وإنما -يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "وإنما يتصور عدم النية إذا لم يعلم ما يريد، مثل من نسي الجنابة واغتسل للنظافة أو للتبرد" مثل هذا نسي لا يعلم ما يريد، أو من يريد أن يعلم غيره الوضوء ولم يرد أن يتوضأ لنفسه، أو من لا يعلم أن غداً من رمضان فيصبح غير ناوٍ للصوم.

ومن عرف هذا تبين له أن النية مع العلم في غاية اليسر، النية مع العلم بالعمل في غاية اليسر لا تحتاج إلى وسوسة وآصار وأغلال، ولهذا قال بعض العلماء: الوسوسة إنما تحصل للعبد من جهلٍ بالشرع أو خبلٍ في العقل، يعني شخص يمكث الساعات يتوضأ ثم يشك هل نوى أو لم ينو؟ نسأل الله السلامة والعافية، يكبر للإحرام ثم يقرأ ثم يقطع صلاته يشك هل نوى أو لم ينو؟، كل هذا لا يحتاج إليه، إذا قصد الصلاة وذهب إليها علم بها هذه هي النية.

<<  <  ج: ص:  >  >>