وأما ثناء من جاء بعده فيكفي في ذلك قول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في مقدمة الفتح، يقول:"لو فتحت باب ثناء الأئمة عليه ممن تأخر عن عصره لفني القرطاس، ونفذت الأنفاس، فذلك بحرٌ لا ساحل له".
وعلى كل حال ترجمة الإمام البخاري مدونة ومسطرة ومفردة ومع غيره من الأئمة، صنفت في ترجمة المصنفات التي منها المجلد، ومنها المجلدان، ومنها ما يبلغ المئات من الصفحات في ثنايا الكتب، وألف عن كتابه الصحيح العشرات من المؤلفات والرسائل العلمية، كلٌ يتناوله من جهة، ولا يزال الصحيح بحاجة إلى خدمة، وإن كان مشروحاً من أكثر من ثمانين شرح فيما عده صاحب كشف الظنون، والشروح أضعاف هذا العدد الذي ذكره مما لم يطلع عليه وممن تأخر عنده.
الإمام البخاري له مصنفات غير الجامع الصحيح، التواريخ الثلاثة (الكبير والأوسط والصغير) كتاب التفسير الكبير، وله الأدب المفرد، وله القراءة خلف الإمام، ورفع اليدين، وله غيرها من الكتب.
توفي -رحمه الله- ليلة عيد الفطر سنة (٢٥٦) عن اثنتين وستين عاماً، بقرية يقال لها: خرتنك على فرسخين من سمرقند.
المقدم: كانوا يتكلمون العربية -فضيلة الدكتور- في بخارى قبل أن يتعلمها هو؟
نعلم أن الأعاجم لما دخلوا في الإسلام عنوا بلغة الإسلام، بلغة القرآن، فتعلموها وأتقنوها وضبطوها وحفظوها حتى برز أكثرهم وصنف فيها، بل أكثر المؤلفين والمصنفين في علوم العربية بفروعها العشرة منهم، ويكفينا من ذلكم سيبويه صاحب الكتاب ليس بعربي، وهو أشهر كتابٍ في العربية على الإطلاق، على كل حال معرفة الأعاجم للعربية أمرٌ مستفيض ظاهر معروف، ومؤلفتاهم كثيرة جداً تغني عن الإفاضة عن هذا الموضوع.