لكن الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- قال: يمكن الجواب: بأن ابتداء تزوج الكافر بالمسلمة، يعني ابتداءً يبتدئ الكافر بالزواج من مسلمة هذا ممنوع قبل نزول الآية، يقول: يمكن الجواب بأن ابتداء تزوج الكافر بالمسلمة كان سابقاً على الآية، والذي دلت عليه الآية الاستمرار، فلذلك وقع التفريق بعد أن لم يكن، ولا يحفظ بعد الهجرة -يعني قبل التحريم- لا يحفظ بعد الهجرة أن مسلمةً ابتدأت بتزوج كافر، معنى هذا الكلام كلام الحافظ -رحمه الله تعالى- أنه يتسامح في الاستمرار والبقاء ما لا يتسامح في الابتداء، يعني بعد الهجرة مباشرة تميز المسلمين على الكفار خلاص لا يمكن تزوج الكافر من مسلمة قبل نزول الآية، هذا الحكم تقرر قبل نزول الآية، لكن استمرار النكاح، استمرار نكاح الكافر بالمسلمة استمر إلى أن نزلت الآية، وقول الحافظ أيضاً له حظٌ من النظر، لا سيما وقد صح سند القصة.
الموضع السادس: من المواضع التي خرج فيها البخاري الحديث من صحيحه في كتاب الأيمان والنذور: باب النية في الأيمان، قال الإمام البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: فذكره ((إنما الأعمال بالنية)).
مناسبة الحديث للترجمة أن اليمين من جملة الأعمال، فيستدل به على تخصيص الألفاظ بالنية زماناً ومكاناً، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي ذلك، كمن حلف أن لا يدخل دار زيد وأراد في شهرٍ أو سنةٍ أو مثلاً، كمن حلف أن لا يدخل دار زيد، وأراد -أي وقصد- في نفسه وقرارة قلبه مدة شهر مثلاً أو سنة مثلاً، أو حلف ألا يكلم زيداً مثلاً، وأراد في منزله دون غيره فلا يحنث إذا دخل بعد شهرٍ أو سنة في المسألة الأولى، ولا إذا كلمه في دارٍ أخرى في المسألة الثانية؛ لأن له ما نوى.