للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل مرد التفضيل وسببه أن صحيح مسلم ليس فيه بعد الخطبة إلا حديث السرد، فقد جرده الإمام مسلم -رحمه الله- من الموقوفات، وفتاوى الصحابة والتابعين، كما نقل ذلك القاسم التجريبي عن ابن حزم، وهذا غير راجع إلى الأصحية، نعم إذا نظرنا إلى الصحيحين من هذه الحيثية وجدنا صحيح الإمام مسلم مجرد، ليس فيه إلا الحديث بعد الخطبة، حتى التراجم الإمام مسلم ما ترجم كتابه، بخلاف البخاري الذي يشتمل على آلاف التراجم، ويشتمل أيضاً على آلاف الموقوفات من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم.

المقصود بالتراجم الأبواب، باب ما جاء في كذا، باب حكم كذا، باب ... إلى آخره، هذه التراجم، الإمام مسلم جرد كتابه منها، وكون الإمام مسلم جرد كتابه من الموقوفات والمقطوعات من أقوال الصحابة والتابعين هذا غالباً، وإلا يوجد فيه عدد يسير جداً من الموقوفات، وفيه أيضاً بعض المعلقات، وإن كانت يسيرة جداً.

من الموقوفات التي في صحيح مسلم، قول يحيى بن أبي كثير: "لا يستطاع العلم براحة الجسم" هذا الموقوف أدخله الإمام مسلم -رحمه الله- بين أحاديث مواقيت الصلاة، وأشكل على جمع من الشراح مناسبة لهذا الخبر وهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير بين أحاديث مرفوعة في مواقيت الصلاة، ولعل الإمام مسلم -رحمه الله- تعالى أعجبه سياق المتون والأسانيد، وأراد أن يلمح مثل هذا الضبط وهذا الإتقان لا يأتي براحة، لا يأتي مع الراحة، ولا يأتي مع الاسترخاء، بل لا بد من إتعاب الجسم، ولذا قال -رحمه الله تعالى-: "لا يستطاع العلم براحة الجسم، أو لا ينال العلم براحة الجسم" هذا الذي ذكروه وما نقل عن بعض المغاربة أن سبب التفضيل تجريد الإمام مسلم لكتابه من الموقوفات وأقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم، هذا غير راجع إلى الأصحية، المفاضلة بين الصحيحين في الأحاديث الأصول المرفوعة التي هي العمدة في الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>