"صلصلة الجرس" الجرس الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب لتسرع في السير، و (الصلصلة) صوت الملك بالوحي، وقيل: صوت حفيف أجنحة الملك، وهي في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوتٍ له طنين، وقيل: هو صوت متدارِك لا يدرك في أول وهلة، والحكمة في تقدم الصوت أن يقرع سمعه -عليه الصلاة والسلام- الوحي، فلا يبقى فيه متسعٌ لغيره، فإن قيل -وهذا إشكال-: كيف شبه الوحي وهو محمود بالجرس وهو مذموم لصحة النهي عنه؟! ففي صحيح مسلم:((الجرس مزمار الشيطان)) عن أبي هريرة، وفيه أيضاً:((لا تصحب الملائكة رفقةً فيها كلبٌ ولا جرس)) وفي سنن أبي داود: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس)) وجاء غير ذلك من الأحاديث مما يدل على ذم اتخاذ الجرس، فالوحي محمود والجرس مذموم فكيف يشبه المحمود بالمذموم؟! أجيب عن ذلك بأنه: لا يلزم من التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في جميع صفاته، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما، فالصوت يعني صوت الجرس له جهتان: جهة قوة وجهة طنين وإطراب، فمن حيث القوة وقع التشبيه به، ومن حيث الطنين والإطراب وقع التنفير عنه، كما جاء تشبيه رؤية الباري -سبحانه وتعالى- يوم القيامة برؤية القمر ليلة البدر، فالمراد تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي، ومثله النهي عن مشابهة البعير في بروكه مع أمره -عليه الصلاة والسلام- بوضع اليدين قبل الركبتين، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) هل هناك تنافر بين الجملتين؟ لا تنافر بينهما، فالمنهي عنه النزول على الأرض بقوة مشابهة للبعير في بروكه حينما يثير الغبار ويفرق الحصا، لا من جهة تقديم اليدين على الركبتين ووضعهما فقط، وفرقٌ بين مجرد الوضع والبروك، فرق بين مجرد وضع اليدين قبل الركبتين وبين البروك.
المقدم: الحديث -أحسن الله إليكم- مرة أخرى حديث النهي عن البروك.
جاء النهي في السنن –وهو حديث صحيح- عن مشابهة البعير في بروكه ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع)) اللام لام الأمر ((وليضع يديه قبل ركبتيه)).