الترمذي هو الذي يجمع بين الوصفين لا يتم هذا الجواب الآخر على رأيه إذ مبناه على تعدد الطرق والحال أنه قد يصرح الترمذي نفسه بأنها غير متعددة بل ويضيف إلى تفرد الراوي وصف الحديث بالغرابة فيقول حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه فكيف يتم هذا التوجيه الآخر قلنا قال الحافظ فإن قيل قد صرح الترمذي بان شرط الحسن أن يروى من غير وجه فكيف يقول في بعض الأحاديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه فالجواب أن الترمذي لم يعرف الحسن مطلقا وإنما عرفه بنوع خاص منه وقع في كتابه وهو ما يقول فيه حسن من غير صفة أخرى وذلك أنه يقول في بعض الأحاديث حسن وفي بعضها صحيح وفي بعضها غريب وفي بعضها حسن صحيح وفي بعضها حسن غريب وفي بعضها صحيح غريب وفي بعضها حسن صحيح غريب وتعريفه إنما وقع على الأول فقط وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في أواخر كتابه وما قلنا في كتابنا حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا لأن كل حديث يروى لا يكون راويه متهما بالكذب ويروى من غير وجه نحو ذلك ولا يكون شاذا فهو عندنا حديث حسن فعرف بهذا أنه إنما عرف الذي يقول فيه حسن فقط أما ما يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أو حسن صحيح غريب فلم يعرج على تعريفه كما لم يعرج على تعريف ما يقول فيه صحيح فقط أو غريب فقط وكأنه ترك ذلك استغناء بشهرته عند أهل الفن واقتصر على تعريف ما يقول فيه في كتابه حسن فقط إما لغموضه وإما لأنه اصطلاح جديد ولذلك قيده بقوله عندنا ولم ينسبه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي وبهذا التقرير يندفع كثير من الإيرادات التي طال البحث فيها ولم يسفر وجه توجيهها فلله الحمد على ما ألهم وعلم انتهى وهو كلام حسن