أَبُوهُ، فَقَالَ: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
مَعَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ قَضَى بِإِرْسَالِهِ وَأَعْلَنَ بِاسْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَقَالَ: إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ.
وَهَذَا كَمَا قَضَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِنَصْرِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَمِنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ اسْتِعَانَتُهُ بِرَبِّهِ وَدُعَاؤُهُ وَابْتِهَالُهُ بِالنَّصْرِ، وَكَذَلِكَ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ إِنْزَالِ الْغَيْثِ قَدْ يَجْعَلُهُ بِسَبَبِ ابْتِهَالِ عِبَادِهِ وَدُعَائِهِمْ وَتَضَرُّعِهِمْ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا يَقْضِيهِ مِنْ مَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ وَهِدَايَةٍ وَنَصْرٍ، قَدْ يُسَبِّبُ لَهُ أَدْعِيَةً يَحْصُلُ بِهَا مِمَّنْ يَنَالُ ذَلِكَ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ سَأَلَ رَبَّهُ بَعْدَ صُعُودِهِ أَنْ يُرْسِلَ أَخَاهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعَالَمِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ إِرْسَالِهِ، إِضَافَةً إِلَى دَعْوَةِ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، لَكِنَّ إِبْرَاهِيمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرْسِلَهُ فِي الدُّنْيَا، فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَإِنَّمَا سَأَلَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ وَصُعُودِهِ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا وَعَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ.
(فَصْلٌ) : وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمَسِيحِ " إِنِّي لَسْتُ أَدَعُكُمْ أَيْتَامًا لِأَنِّي سَآتِيكُمْ عَنْ قَرِيبٍ " كَيْفَ هُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا: يَنْزِلُ فِيكُمُ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute