للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَيْدِيهِمْ رَجُلٌ جَاهِلٌ بِصِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ نَسَبَ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى مَا يَتَقَدَّسُ وَيَتَنَزَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا الرَّجُلُ يُعْرَفُ عِنْدَ الْيَهُودِ بِعَازَرَ الْوَرَّاقِ. وَيَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ. وَيَقُولُ إِنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَيَجِبُ التَّثَبُّتُ فِي ذَلِكَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا وَاسْمُهُ عُزَيْرٌ فَقَدْ وَافَقَ (صَاحِبَ التَّوْرَاةِ) فِي الِاسْمِ (لَا فِي النُّبُوَّةِ) .

وَبِالْجُمْلَةِ فَنَحْنُ وَكُلُّ عَاقِلٍ يَقْطَعُ بِبَرَاءَةِ التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى كَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ هَذِهِ الْأَكَاذِيبِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ وَالتُّرَّهَاتِ، كَمَا يَقْطَعُ بِبَرَاءَةِ صَلَاةِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ هَذَا الَّذِي يَقُولُونَهُ فِي صَلَاتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنَ الْمُحَرَّمِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَقُولُونَ فِي صَلَاتِهِمْ مَا تَرْجَمَتُهُ: يَا أَبَانَا أَتَمْلِكُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ لِيَقُولَ كُلُّ ذِي نَسَمَةٍ: اللَّهُ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَلَكَ وَمَمْلَكَتُهُ مُتَسَلِّطَةٌ.

وَيَقُولُونَ فِيهَا أَيْضًا: (وَسَيَكُونُ لِلَّهِ الْمُلْكُ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ اللَّهُ وَاحِدًا وَاسْمُهُ وَاحِدًا) ، وَيَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُ الْمُلْكِ لَهُ وَكَوْنُهُ وَاحِدًا إِلَّا إِذَا صَارَتِ الدَّوْلَةُ لَهُمْ، فَأَمَّا مَا دَامَتِ الدَّوْلَةُ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ تَعَالَى خَامِلُ الذِّكْرِ عِنْدَ الْأُمَمِ، مَشْكُوكٌ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ، مَطْعُونٌ فِي مُلْكِهِ.

وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ مُوسَى وَرَبَّ مُوسَى بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ بَرَاءَتَهُ مِنْ تِلْكَ التُّرَّهَاتِ.

(فَصْلٌ) : وَجَحْدُكُمْ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ نَظِيرُ جَحْدِكُمْ نُبُوَّةَ الْمَسِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>