[المسألة السادسة]
(فَصْلٌ) : قَالَ السَّائِلُ:
تَدْخُلُ عَلَيْنَا الرِّيبَةُ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَنَّكُمْ قَدْ بَنَيْتُمْ أَكْثَرَ أَسَاسِ شَرِيعَتِكُمْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى أَحَادِيثِ عَوَامٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ، الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ بَحْثٌ فِي عِلْمٍ وَلَا دِرَاسَةٍ وَلَا كِتَابَةٍ قَبْلَ مَبْعَثِ نَبِيِّكُمْ، فَابْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ أَوْلَى أَنْ تَأْخُذَ بِأَحَادِيثِهِمْ وَرِوَايَاتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ عِلْمٍ وَبَحْثٍ وَدِرَاسَةٍ وَكِتَابَةٍ، قَبْلَ مَبْعَثِ نَبِيِّكُمْ وَبَعْدَهُ، وَلَا نَرَاكُمْ تَرْوُونَ عَنْهُمْ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا جِدًّا، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَكُمْ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا بَهْتٌ مِنْ قَائِلِهِ، فَإِنَّا لَمْ نَبْنِ أَسَاسَ شَرِيعَتِنَا فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَّا عَلَى كِتَابِ رَبِّنَا الْمَجِيدِ، الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي تَحَدَّى بِهِ الْأُمَمَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ عُلُومِهَا وَأَجْنَاسِهَا وَطَبَائِعِهَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَأَعْدَاؤُهُ طَبَقُ الْأَرْضِ، أَنْ يُعَارِضُوهُ بِمِثْلِهِ فَيَكُونُوا أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ، وَيَظْهَرَ كَذِبُهُ وَصِدْقُهُمْ فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ. فَتَحَدَّاهُمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فَعَجَزُوا، فَتَحَدَّاهُمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَعَجَزُوا.
هَذَا وَأَعْدَاؤُهُ الْأَدْنَوْنَ مِنْهُ أَفْصَحُ الْخَلْقِ، وَهُمْ أَهْلُ الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَاللَّسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute