للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ وَالْخُطَبِ وَأَنْوَاعِ الْكَلَامِ، فَمَا مِنْهُمْ مَنْ فَاهَ فِي مُعَارَضَتِهِ بِبِنْتِ شَفَةٍ، وَكَانُوا أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَأَشَدَّهُمْ أَذًى لَهُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ، فَمَا تَفَرَّدَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْهُ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ بِمِثْلِ قَوْلِهِ: يَا ضِفْدَعُ بِنْتَ ضِفْدَعَيْنِ، نِقِّي كَمْ تَنِقِّينَ، لَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ، وَلَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ، وَمِثْلِ: وَالطَّاحِنَاتِ طِحْنًا، وَالْعَاجِنَاتِ عَجْنًا، فَالْخَابِزَاتِ خَبْزًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي هِيَ بِأَلْفَاظِ أَهْلِ الْمُجُونِ وَالْمَعْتُوهِينَ أَشْبَهُ مِنْهَا بِأَلْفَاظِ الْعُقَلَاءِ. فَالْمُسْلِمُونَ إِنَّمَا بَنَوْا أَسَاسَ دِينِهِمْ وَمَعَالِمَ حَلَالِهِمْ وَحَرَامِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي لَمْ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، فِيهِ بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ وَتَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةٌ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ، بِهِ هَدَى اللَّهُ رَسُولَهُ وَأُمَّتَهُ فَهُوَ أَسَاسُ دِينِهِمْ.

الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَكُمْ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ بَنَوْا أَسَاسَ دِينِهِمْ عَلَى رِوَايَةِ عَوَامٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْبَهْتِ وَأَفْحَشِ الْكَذِبِ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا أُمِّيِّينَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ رَسُولَهُ زَكَّاهُمْ وَعَلَّمَهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَفَضَّلَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالْهُدَى، وَالْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالْعُلُومِ النَّافِعَةِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنُّفُوسِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ، فَلَمْ تَبْقَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ تُدَانِيهِمْ فِي فَضْلِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَمَعَارِفِهِمْ، فَلَوْ قِيسَ مَا عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَمِ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَعَلَمٍ وَهُدًى وَبَصِيرَةٍ إِلَى مَا عِنْدَهُمْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ نِسْبَةٌ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأُمَمِ أَعْلَمَ بِالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ، وَالْكَمِّ الْمُتَّصِلِ وَالْكَمِّ الْمُنْفَصِلِ، وَالنَّبْضِ وَالْقَارُورَةِ وَالْبَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>