للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طَبِيعَتَيْنِ كَانَتَا قَبْلَ التَّجَسُّدِ زَالَتْ عَنْهُ وَصَارَ مِنْ طَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأُقْنُومٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ بَتْرَكُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ: إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ طَبِيعَةً وَاحِدَةً، فَالطَّبِيعَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ الطَّبِيعَةُ الْقَدِيمَةُ، وَهِيَ الطَّبِيعَةُ الْمُحْدَثَةُ، وَإِنْ كَانَ الْقَدِيمُ هُوَ الْمُحْدَثَ فَالَّذِي لَمْ يَزَلْ هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَدِيمُ هُوَ الْمُحْدَثَ لَكَانَ الْقَائِمُ هُوَ الْقَاعِدَ، وَالْحَارُّ هُوَ الْبَارِدَ، فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْ مَقَالَتِهِ فَلَعَنُوهُ، فَاسْتَعْدَى إِلَى الْمَلِكِ، وَزَعَمَ أَنَّهُمْ ظَلَمُوهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى جَمِيعٍ الْبَتَارِكَةِ لِلْمُنَاظَرَةِ، فَاسْتَحْضَرَ الْمَلِكُ الْبَتَارِكَةَ وَالْأَسَاقِفَةَ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ إِلَى مَدِينَةِ أَفْسِسَ، فَثَبَّتَ بَتْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَقَالَةَ أُوطِيسُوسَ، وَقَطَعَ بَتَارِكَةَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَأَنْطَاكِيَةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَسَائِرِ الْبَتَارِكَةِ وَالْأَسَاقِفَةِ، وَكَتَبَ إِلَى بَتْرَكِ رُومِيَّةَ وَإِلَى جَمَاعَةِ الْكَهَنَةِ، فَحَرَّمَهُمْ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْقُرْبَانِ، إِنْ لَمْ يَقْبَلُوا مَقَالَةَ أُوطِيسُوسَ، وَفَسَدَتِ الْأَمَانَةُ وَصَارَتِ الْمَقَالَةُ مَقَالَةَ أُوطِيسُوسَ وَخَاصَّةً بِمِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْيَعْقُوبِيَّةُ.

فَافْتَرَقَ هَذَا الْمَجْمَعُ الْخَاصُّ، وَكُلُّ فَرِيقٍ يَلْعَنُ الْآخَرَ وَيُحَرِّمُهُ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ مَقَالَتِهِ.

[المجمع السادس

مجمع خلقدون ٤٥١ م]

فَصَلَ: ثُمَّ كَانَ لَهُمْ بَعْدَ هَذَا مَجْمَعٌ سَادِسٌ فِي مَدِينَةِ خَلْقَدُونَ، فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ الْمَلِكُ وَلِيَ بَعْدُهُ مَرْقِيُونُ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْأَسَاقِفَةُ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ، فَأَعْلَمُوهُ مَا كَانَ مِنْ ظُلْمِ ذَلِكَ الْمَجْمَعِ وَقِلَّةِ الْإِنْصَافِ، وَأَنَّ مَقَالَةَ أُوطِيسُوسَ قَدْ غَلَبَتْ عَلَى النَّاسِ، وَأَفْسَدَتْ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِاسْتِحْضَارٍ سَائِرِ الْبَتَارِكَةِ وَالْمَطَارِنَةِ وَالْأَسَاقِفَةِ إِلَى مَدِينَةٍ خَلْقَدُونَ، اجْتَمَعَ فِيهَا سِتُّمِائَةٍ وَثَلَاثُونَ أُسْقُفًّا، فَنَظَرُوا فِي مَقَالَةِ أُوطِيسُوسَ وَبَتْرَكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>