(فَصْلٌ) وَمِنْ بَعْضِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ رَدُّ الطَّاعِنِينَ عَلَى كِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ، وَمُجَاهَدَتُهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ، وَالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَالْقَلْبِ وَالْجَنَانِ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنَ الْإِيمَانِ.
وَكَانَ انْتَهَى إِلَيْنَا مَسَائِلُ أَوْرَدَهَا بَعْضُ الْكُفَّارِ الْمُلْحِدِينَ عَلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُصَادِفْ عِنْدَهُ مَا يَشْفِيهِ، وَلَا وَقَعَ دَوَاؤُهُ عَلَى الدَّاءِ الَّذِي فِيهِ، وَظَنَّ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ بِضَرْبِهِ يُدَاوِيهِ، فَسَطَا بِهِ ضَرْبًا وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْجَوَابُ، فَقَالَ الْكَافِرُ: صَدَقَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا قَامَ بِالسَّيْفِ لَا بِالْكِتَابِ. فَتَفَرَّقَا وَهَذَا ضَارِبٌ وَهَذَا مَضْرُوبٌ، وَضَاعَتِ الْحُجَّةُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، فَشَمَّرَ الْمُجِيبُ عَنْ سَاعِدِ الْعَزْمِ، وَنَهَضَ عَلَى سَاقِ الْجَدِّ، وَقَامَ لِلَّهِ قِيَامَ مُسْتَعِينٍ بِهِ مُفَوِّضٍ إِلَيْهِ مُتَوَكِّلٍ فِي مُوَافَقَةِ مَرْضَاتِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُلْ مَقَالَةَ الْعَجَزَةِ الْجُهَّالِ: إِنَّ الْكُفَّارَ إِنَّمَا يُعَامَلُونَ بِالْجِلَادِ دُونَ الْجِدَالِ، وَهَذَا فِرَارٌ مِنَ الزَّحْفِ، وَإِخْلَادٌ إِلَى الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ. فَمُجَادَلَةُ الْكُفَّارِ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ إِقَامَةٌ لِلْحُجَّةِ وَإِزَالَةٌ لِلْعُذْرِ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَالسَّيْفُ إِنَّمَا جَاءَ مُنْفِذًا لِلْحُجَّةِ مُقَوِّمًا لِلْمُعَانِدِ، وَحَدًّا لِلْجَاحِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute