وَمِنْ ذَلِكَ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى تَعْطِيلِ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ وَفَرَائِضِهَا، وَتَرْكِهَا فِي جُلِّ أُمُورِهِمْ إِلَّا الْيَسِيرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ أَكْثَرُ أَسْبَابِ زَوَالِ مُلْكِهِمْ وَعِزِّهِمْ. فَكَيْفَ يُنْكَرُ مِنْ طَائِفَةٍ تَوَاطَأَتْ عَلَى تَكْذِيبِ الْمَسِيحِ، وَجَحْدِ نُبُوَّتِهِ، وَبَهْتِهِ وَبَهْتِ أُمِّهِ وَالْكَذِبِ الصَّرِيحِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ وَتَعْطِيلِ أَحْكَامِ اللَّهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهَا، وَعَلَى قَتْلِهِمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ أَنْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى تَحْرِيفِ بَعْضِ التَّوْرَاةِ، وَكِتْمَانِ نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفْتِهِ فِيهَا.
وَأَمَّا أُمَّةُ الضَّلَالِ وَعُبَّادُ الصَّلِيبِ وَالصُّوَرِ الْمُزَوَّقَةِ فِي الْحِيطَانِ، وَإِخْوَانُ الْخَنَازِيرِ، وَشَاتِمُوا خَالِقَهُمْ وَرَازِقَهُمْ أَقْبَحَ شَتْمٍ، وَجَاعِلُوهُ مَصْفَعَةَ الْيَهُودِ، وَتَوَاطُؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى ضُرُوبِ الْمُسْتَحِيلَاتِ وَأَنْوَاعِ الْأَبَاطِيلِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي أَبْرَزَ إِلَى الْوُجُودِ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ أَضَلُّ مِنَ الْحَمِيرِ، وَمِنْ جَمِيعِ الْأَنْعَامِ السَّائِمَةِ، وَخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَبِّهِ وَشَتْمِهِ وَتَكْذِيبِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، وَمُعَادَاةِ حِزْبِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَمُوَالَاةِ الشَّيْطَانِ، وَالتَّعَوُّضِ بِعِبَادَةِ الصُّوَرِ وَالصُّلْبَانِ عَنْ عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ قَوْلِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " بِالتَّصْلِيبِ عَلَى الْوَجْهِ، وَعَنْ قِرَاءَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بِـ اللَّهُمَّ اعْطِنَا خُبْزَنَا الْمُلَائِمَ، وَعَنِ السُّجُودِ لِلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ بِالسُّجُودِ لِلصُّورَةِ الْمَدْهُونَةِ فِي الْحَائِطِ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَزْوَرْدِ، فَهَذَا بَعْضُ شَأْنِ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ عِنْدَهُمَا آثَارُ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ، فَمَا الظَّنُّ بِسَائِرِ الْأُمَمِ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ حِسٌّ وَلَا خَبَرٌ، وَلَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ؟
[المسألة الرابعة]
قَالَ السَّائِلُ:
فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، وَكَعْبَ الْأَحْبَارِ، وَنَحْوَهُمَا شَهِدُوا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ، فَهَلَّا أَتَى ابْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بِالنُّسَخِ الَّتِي لَهُمْ كَيْ تَكُونَ شَاهِدَةً عَلَيْنَا؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute