وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْمَسِيحِ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ظُهُورِهِمَا بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، يُرِيدُ: ابْعَثْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَشَرٌ لَيْسَ إِلَهًا، وَأَنَّهُ ابْنُ الْبَشَرِ لَا ابْنُ خَالِقِ الْبَشَرِ.
فَبَعَثَ اللَّهُ هَادِيَ الْأُمَّةِ وَكَاشِفَ الْغُمَّةِ فَبَيَّنَ لِلْأُمَمِ حَقِيقَةَ أَمْرِ الْمَسِيحِ، وَأَنَّهُ عَبْدٌ كَرِيمٌ وَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، لَا كَمَا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى، وَلَا كَمَا رَمَتْهُ الْيَهُودُ.
قَوْلُهُ فِي نُبُوَّةِ أَشْعِيَا: قِيلَ لِي: قُمْ نَظَّارًا فَانْظُرْ مَا تَرَى تُخْبِرُ بِهِ، قُلْتُ: أَرَى رَاكِبَيْنِ مُقْبِلَيْنِ، أَحَدُهُمَا عَلَى حِمَارٍ وَالْآخَرُ عَلَى جَمَلٍ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: سَقَطَتْ بَابِلُ وَأَصْنَامُهَا.
وَصَاحِبُ الْحِمَارِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ النَّصَارَى هُوَ الْمَسِيحُ، وَرَاكِبُ الْجَمَلِ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ، وَهُوَ أَشْهَرُ بِرُكُوبِ الْجَمَلِ مِنَ الْمَسِيحِ بِرُكُوبِ الْحِمَارِ.
وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَتْ أَصْنَامُ بَابِلَ لَا بِالْمَسِيحِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي إِقْلِيمِ بَابِلَ مَنْ يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ مِنْ عَهِدِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ إِلَى أَنْ سَقَطَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْلُهُ فِي نُبُوَّةِ أَشْعِيَا: إِنَّهُ قَالَ عَنْ مَكَّةَ: ارْفَعِي إِلَى مَا حَوْلَكِ بَصَرَكِ، فَسَتَبْتَهِجِينَ وَتَفْرَحِينَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ يُصَيِّرُ إِلَيْكِ ذَخَائِرَ الْبَحْرِ، وَيَحُجُّ إِلَيْكِ عَسَاكِرُ الْأُمَمِ، حَتَّى يَعُمَّ بِكِ قَطْرُ الْإِبِلِ الْمُؤَبَّلَةِ، وَتَضِيقَ أَرْضُكِ عَنِ الْقَطَرَاتِ الَّتِي تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ، وَيُسَاقَ إِلَيْكِ كِبَاشُ مَدْيَنَ، وَيَأْتِيَكِ أَهْلُ سَبَأٍ، وَيَسِيرَ إِلَيْكِ أَغْنَامُ قِيدَارَ، وَيَخْدِمَكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute