للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: وَتُفْتَحُ أَبْوَابُكِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَا تُغْلَقُ، وَيَتَّخِذُونَكِ قِبْلَةً، وَتُدْعَيْنَ بَعْدَ ذَلِكَ مَدِينَةَ الرَّبِّ.

قَوْلُهُ أَيْضًا فِي مَكَّةَ: سُرِّي وَاهْتَزِّي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَانْطِقِي بِالتَّسْبِيحِ، وَافْرَحِي، وَلَمْ تَحْبَلِي، فَإِنَّ أَهْلَكِ يَكُونُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِي.

يَعْنِي بِأَهْلِهِ: بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَيَعْنِي بِالْعَاقِرِ: مَكَّةَ، لِأَنَّهَا لَمْ تَلِدْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَاقِرِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، لِأَنَّهُ بَيْتُ الْأَنْبِيَاءِ وَمَعْدِنُ الْوَحْيِ، وَقَدْ وُلِدَ فِيهِ أَنْبِيَاءُ كَثِيرَةٌ.

قَوْلُ أَشْعِيَا أَيْضًا لِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي أُعْطِي الْبَادِيَةَ كَرَامَةَ لُبْنَانَ، وَبِهَا الْكَنْزُ مَالٌ.

قَالَ: وَهُمَا الشَّامُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ، يُرِيدُ أَجْعَلُ الْكَرَامَةَ الَّتِي كَانَتْ هُنَاكَ بِالْوَحْيِ، وَظُهُورِ الْأَنْبِيَاءِ لِلْبِدَايَةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْحَجِّ.

ثُمَّ قَالَ: وَتَشُقُّ الْبَادِيَةَ مِيَاهٌ وَسَوَاقٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، وَتَكُونُ بِالْفَيَافِي وَالْأَمَاكِنِ الْعِطَاشِ يَنَابِيعُ وَمِيَاهٌ، وَيَصِيرُ هُنَاكَ مَحَجَّةٌ وَطَرِيقُ الْحَرَمِ، لَا يَمُرُّ بِهِ أَنْجَاسُ الْأُمَمِ، وَالْجَاهِلُ بِهِ لَا يَصِلُ هُنَاكَ، وَلَا يَكُونُ بِهَا سِبَاعٌ وَلَا أُسُدٌ، وَيَكُونُ هُنَاكَ مَمَرُّ الْمُخْلِصِينَ.

قَوْلُ أَشْعِيَا فِي كِتَابِهِ أَيْضًا عَنْ الْحَرَمِ: إِنَّ الذِّئْبَ وَالْحَمَلَ فِيهِ يَرْتَعَانِ مَعًا، إِشَارَةً إِلَى أَمْنِهِ الَّذِي يَخُصُّهُ اللَّهُ بِهِ دُونَ بِقَاعِ الْأَرْضِ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ الْبَلَدَ الْأَمِينَ، وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>