للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ مَا لَمْ يُؤْتَهُ نَبِيٌّ قَبْلَهُ، وَجُعِلَتِ الْحَسَنَةُ مِنْهُ وَمِنْ أُمَّتِهِ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ مِثْلِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَتَجَاوَزَ لَهُ عَنْ أُمِّتِهِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ هُوَ وَجَمِيعُ مَلَائِكَتِهِ، وَأَمَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَقَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ ذُكِرَ مَعَهُ، كَمَا فِي الْخُطْبَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْأَذَانِ، فَلَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَذَانٌ وَلَا خُطْبَةٌ وَلَا صَلَاةٌ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَعَهُ أَمْرًا يُطَاعُ، لَا مِمَّنْ قَبْلَهُ وَلَا مِمَّنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ تُطْوَى الدُّنْيَا وَمَنْ عَلَيْهَا، وَأَغْلَقَ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ إِلَّا عَمَّنْ سَلَكَ خَلْفَهُ، وَاقْتَدَى بِهِ، وَجَعَلَ لِوَاءَ الْحَمْدِ بِيَدِهِ، فَآدَمُ وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجَعَلَهُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلَ شَافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ، وَأَوَّلَ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُهَا، فَلَا يُدْخُلُهَا أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ إِلَّا بِشَفَاعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُعْطِي مِنَ الْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ وَالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَالْقُوَّةِ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعَزِيمَةِ عَلَى تَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ، وَالرِّضَا عَنْهُ، وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالتَّنَوُّعِ فِي مَرْضَاتِهِ، وَطَاعَتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، سِرًّا وَعَلَانِيَةً، فِي نَفْسِهِ وَفِي الْخَلْقِ، مَا لَمْ يُعْطَهُ نَبِيٌّ غَيْرُهُ. وَمَنْ عَرَفَ أَحْوَالَ الْعَالَمِ، وَسِيَرَ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَمْرَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ظَهَرَ لِلْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشْرٍ أَنَّهُ يَكُونُ أَبَدًا.

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَضْعُفُ وَلَا يُغْلَبُ، هَكَذَا حَالُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا ضَعُفَ فِي ذَاتِ اللَّهِ قَطُّ، وَلَا فِي حَالَةِ انْفِرَادِهِ وَقِلَّةِ أَتْبَاعِهِ، وَكَثْرَةِ أَعْدَائِهِ، وَاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى حَرْبِهِ، بَلْ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَى الْخَلْقِ وَأَثْبَتُهُمْ جَأْشًا، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، حَتَّى أَنَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ قُتِلَ أَصْحَابُهُ وَجُرِحُوا، وَمَا ضَعُفَ وَلَا اسْتَكَانَ، بَلْ خَرَجَ مِنَ الْغَدِ فِي طَلَبِ عَدُوِّهِ عَلَى شِدَّةِ الْقَرْحِ، حَتَّى أُرْعِبَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَكَرَّ خَاسِئًا عَلَى كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ وَضَعْفِ أَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، أُفْرِدَ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>