للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ، وَيَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، فَأَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا، وُقُلُوبًا غُلْفًا: بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ....

وَقَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا فِي التَّوْرَاةِ، لَا يُرِيدُ بِهِ التَّوْرَاةَ الْمَعْنِيَّةَ الَّتِي هِيَ كِتَابُ مُوسَى فَقَطْ، فَإِنَّ لَفْظَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ يُرَادُ بِهِ الْكُتُبُ الْمَعْنِيَّةُ تَارَةً، وَيُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ تَارَةً، فَيُعَبِّرُ بِلَفْظِ الْقُرْآنِ عَنِ الزَّبُورِ، وَبِلَفْظِ التَّوْرَاةِ عَنِ الْإِنْجِيلِ وَعَنِ الْقُرْآنِ أَيْضًا.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقُرْآنُ فَكَانَ مَا بَيْنَ أَنْ يُسْرِجَ دَابَّتَهُ إِلَى أَنْ يَرْكَبَهَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالْمُرَادُ بِهِ قُرْآنُهُ، وَهُوَ الزَّبُورُ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْبِشَارَةِ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ: نَبِيًّا أُقِيمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ إِخْوَتِهِمْ، أُنْزِلُ عَلَيْهِ تَوْرَاةً مِثْلَ تَوْرَاةِ مُوسَى.

وَكَذَلِكَ فِي صِفَةِ أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ: أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ. فَقَوْلُهُ: أَخْبِرْنِي بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِمَّا أَنْ يُرِيدَ التَّوْرَاةَ الْمُعَيَّنَةَ، وَلَيْسَتِ الْمُبَدَّلَةَ الَّتِي بِأَيْدِي الْيَهُودِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، أَوْ جِنْسَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِمَا هُوَ فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي هِيَ أَتَمُّ مِنَ الْكِتَابِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ فِي كِتَابِ أَشْعِيَا كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ. وَقَدْ تَرْجَمُوهُ أَيْضًا بِتَرْجَمَةٍ أُخْرَى فِيهَا بَعْضُ الزِّيَادَةِ: عَبْدِي وَرَسُولِي الَّذِي سَرَّتْ بِهِ نَفْسِي، أُنْزِلُ عَلَيْهِ وَحْيِي، فَيَظْهَرُ فِي الْأُمَمِ عَدْلِي، وَيُوصِيهِمْ بِالْوَصَايَا، لَا يَضْحَكُ، وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ، يَفْتَحُ الْعُيُونَ الْعُورَ، وَالْآذَانَ الصُّمَّ، وَيُحْيِيَ الْقُلُوبَ الْغُلْفَ، وَمَا أُعْطِيهِ لَا أُعْطِيهِ أَحَدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>