للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ هَذَا بِكَاذِبٍ مُفْتَرٍ، بَلْ هُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ مَنِ اتَّبَعَهُ أَفْلَحَ وَسَعِدَ.

قُلْتُ: فَمَا لَكَ لَا تَدْخُلُ فِي دِينِهِ؟

قَالَ: إِنَّمَا بُعِثَ لِلْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَأَمَّا نَحْنُ فَعِنْدَنَا كِتَابٌ نَتَّبِعُهُ.

قُلْتُ لَهُ: غُلِبْتَ كُلَّ الْغَلَبِ، فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ مَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ، وَقَاتَلَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَإِذَا صَحَّتْ رِسَالَتُهُ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ، فَأَمْسَكَ وَلَمْ يُحِرْ جَوَابًا.

وَقَرِيبًا مِنْ هَذِهِ الْمُنَاظَرَةِ مَا جَرَى لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ بَعْضِ الْيَهُودِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ

قَالَ لَهُ الْمُسْلِمُ: فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ إِلَى الْيَوْمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي أُقِيمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ إِخْوَتِهِمْ نَبِيًّا مِثْلَكَ أَجْعَلُ كَلَامِي عَلَى فِيهِ، فَمَنْ عَصَاهُ انْتَقَمْتُ مِنْهُ. قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: ذَلِكَ يُوشَعُ بْنُ نُونَ. فَقَالَ الْمُسْلِمُ: هَذَا مُحَالٌ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ عِنْدَكَ فِي آخِرِ التَّوْرَاةِ: أَنَّهُ لَا يَقُومُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيٌّ مِثْلُ مُوسَى.

(الثَّانِي) : أَنَّهُ قَالَ مِنْ إِخْوَتِهِمْ، وَإِخْوَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِمَّا الْعَرَبُ وَإِمَّا الرُّومُ.

فَإِنَّ الْعَرَبَ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وَالرُّومُ بَنُو الْعِيصِ، وَهَؤُلَاءِ إِخْوَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>