قُلْنَا: لَا، مَا رَأَيْنَاهَا فَعَلَتْ هَذَا قَطُّ إِلَّا عِنْدَكَ، قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّكُمْ كُلَّمَا قُلْتُمُوهَا يَنْتَفِضُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي، قُلْنَا: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَكُونُ أَيْسَرَ لِشَأْنِهَا وَأَحْذَرَ أَنْ لَا تَكُونَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ مِنْ حِيَلِ النَّاسِ، ثُمَّ سَأَلَنَا عَمَّا أَرَادَ فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ: كَيْفَ صَلَاتُكُمْ وَصَوْمُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: قُومُوا، فَقُمْنَا، فَأَمَرَ لَنَا بِمَنْزِلٍ حَسَنٍ وَنُزُلٍ كَثِيرٍ، فَأَقَمْنَا ثَلَاثًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا لَيْلًا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَاسْتَعَادَ قَوْلَنَا فَأَعَدْنَاهُ، ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرَّبْعَةِ الْعَظِيمَةِ مُذَهَّبَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ عَلَيْهَا أَبْوَابٌ فَفَتَحَهَا بَيْتًا وَقِفْلًا فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ نَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ حَمْرَاءُ، فَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ ضَخْمُ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمُ الْأَلْيَتَيْنِ لَمْ أَرَ مِثْلَ طُولِ عُنُقِهِ، فَإِذَا لَيْسَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، وَإِذَا لَهُ ظَفِيرَتَانِ أَحْسَنُ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ هَذَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِذَا هُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ شَعْرًا، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، وَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ وَإِذَا لَهُ شَعْرٌ قَطَطٌ، أَحْمَرُ الْعَيْنَيْنِ، ضَخْمُ الْهَامَّةِ، حَسَنُ اللِّحْيَةِ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا: قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ فِيهَا رَجُلٌ شَدِيدُ الْبَيَاضِ حَسَنُ الْعَيْنَيْنِ صَلْتُ الْجَبِينِ طَوِيلُ الْخَدِّ، أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ كَأَنَّهُ يَتَبَسَّمُ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ، وَإِذَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَتَعْرِفُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَبَكَيْنَا. قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَامَ قَائِمًا ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهْوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ إِنَّهُ لَهُوَ كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَمْسَكَ سَاعَةً يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ آخِرَ الْبُيُوتِ، وَلَكِنْ عَجَّلْتُهُ لَكُمْ لِأَنْظُرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute