للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَقَوْلِهِ خِطَابًا لِمُوسَى لَنْ تَرَانِي وَعِنْدَهُمْ فِي تَوْرَاتِهِمْ: إِنَّ مُوسَى صَعِدَ الْجَبَلَ مَعَ مَشَايِخِ أُمَّتِهِ، فَأَبْصَرُوا اللَّهَ جَهْرَةً وَتَحْتَ رِجْلَيْهِ كُرْسِيٌّ مَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ الْبِلَّوْرِ، وَيُسَمُّونَهُ بِلُغَتِهِمُ (السَّبْقِيرَ) ، وَهَذَا مِنْ كَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى التَّوْرَاةِ.

وَعِنْدَهُمْ فِي تَوْرَاتِهِمْ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا رَأَى فَسَادَ قَوْمِ نُوحٍ وَأَنَّ شَرَّهُمْ (قَدْ عَظُمَ) نَدِمَ عَلَى خَلْقِ الْبَشَرِ فِي الْأَرْضِ وَشَقَّ عَلَيْهِ.

وَعِنْدَهُمْ فِي تَوْرَاتِهِمْ أَيْضًا: أَنَّ اللَّهَ نَدِمَ عَلَى تَمْلِيكِهِ شَاوِلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.

وَعِنْدَهُمْ فِيهَا أَيْضًا: أَنَّ نُوحًا لَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ بَنَى بَيْتًا مَذْبَحًا لِلَّهِ وَقَرَّبَ عَلَيْهِ قَرَابِينَ، وَاسْتَنْشَقَ اللَّهُ رَائِحَةَ الْقُتَارِ، فَقَالَ فِي ذَاتِهِ: (لَنْ أُعَاوِدَ لَعْنَةَ الْأَرْضِ بِسَبَبِ النَّاسِ لِأَنَّ خَاطِرَ الْبَشَرِ مَطْبُوعٌ عَلَى الرَّدَاءَةِ، وَلَنْ أُهْلِكَ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ كَمَا صَنَعْتُ) .

قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِهِمُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ مِمَّنْ هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ: لَسْنَا نَرَى أَنَّ هَذِهِ الْكُفْرِيَّاتِ كَانَتْ فِي التَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى مُوسَى، وَلَا نَقُولُ أَيْضًا أَنَّ الْيَهُودَ قَصَدُوا تَغْيِيرَهَا وَإِفْسَادَهَا، بَلِ الْحَقُّ أَوْلَى مَا اتُّبِعَ، قَالَ: وَنَحْنُ نَذْكُرُ حَقِيقَةَ سَبَبِ تَبْدِيلِ التَّوْرَاةِ. فَإِنَّ عُلَمَاءَ الْقَوْمِ وَأَحْبَارَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ التَّوْرَاةَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ لَا يَعْتَقِدُ أَحَدٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>