وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ جَمِيعُهَا وَبِلَادُ الْهِنْدِ وَبِلَادُ التُّرْكِ وَمَا جَاوَرَهَا
وَأَدْيَانُ أَهْلِ الْأَرْضِ لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْأَدْيَانِ الْخَمْسَةِ، وَدِينُ الْحُنَفَاءِ لَا يُعْرَفُ فِيهِمْ الْبَتَّةَ. وَهَذِهِ الْأَدْيَانُ الْخَمْسَةُ كُلُّهَا لِلشَّيْطَانِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرُهُ: الْأَدْيَانُ سِتَّةٌ: وَاحِدٌ لِلرَّحْمَنِ وَخَمْسَةٌ لِلشَّيْطَانِ
وَهَذِهِ الْأَدْيَانُ السِّتَّةُ مَذْكُورَةٌ فِي آيَةِ الْفَصْلِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَجَابَ لَهُ وَلِخُلَفَائِهِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَدْيَانِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا، وَلَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا قَطُّ عَلَى الدِّينِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ يُحَارِبُهُ وَيُقَاتِلُهُ، وَأَمَّا مَنْ سَالَمَهُ وَهَادَنَهُ فَلَمْ يُقَاتِلْهُ وَلَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ
وَهَذَا نَفْيٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ، أَيْ لَا تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى الدِّينِ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رِجَالٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ، قَدْ تَهَوَّدُوا وَتَنَصَّرُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَسْلَمَ الْآبَاءُ وَأَرَادُوا إِكْرَاهَ الْأَوْلَادِ عَلَى الدِّينِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَخْتَارُونَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَالصَّحِيحُ: الْآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا فِي حَقِّ كُلِّ كَافِرٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ، فَلَا يُكْرَهُونَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي الدِّينِ، وَإِمَّا أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، كَمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَإِنِ اسْتَثْنَى هَؤُلَاءِ بَعْضَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute