وَهُمْ كَانُوا أَضْعَافَ أَضْعَافِ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ الْكَافِرَتَيْنِ، أَهْلِ الْغَضَبِ وَأَهْلِ الضَّلَالِ، وَقَوْمُ عَادٍ أَطْبَقُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَهُمْ أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ عُقَلَاءُ حَتَّى اسْتُؤْصِلُوا بِالْعَذَابِ، وَقَوْمُ ثَمُودَ أَطْبَقُوا جَمِيعُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْآيَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُؤْمِنُ عَلَى مِثْلِهَا الْبَشَرُ، وَمَعَ هَذَا فَاخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى وَقَالَ تَعَالَى: وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ.
فَهَاتَانِ أُمَّتَانِ عَظِيمَتَانِ مِنْ أَكْبَرِ الْأُمَمِ قَدْ أَطْبَقَا عَلَى الْكُفْرِ مَعَ الْبَصِيرَةِ، فَأُمَّتَا الْغَضَبِ وَالضَّلَالِ إِذَا أَطْبَقَتَا عَلَى الْكُفْرِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِبِدْعٍ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى جَحْدِ نُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ تَظَاهُرِ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، فَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ.
وَأَيْضًا، فَيُقَالُ لِلنَّصَارَى: هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فِي زَمَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَتَّى كَانُوا قَدْ مَلَئُوا بِلَادَ الشَّامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكَانُوا قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى تَكْذِيبِ الْمَسِيحِ وَجَحْدِ نُبُوَّتِهِ، وَفِيهِمُ الْأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ، وَالْعُبَّادُ وَالْعُلَمَاءُ، حَتَّى آمَنَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute