للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُدْعَى فِيمَا بَعْدُ بِالْمَخْلُوعِ النَّعْلِ، وَيُنْبَذُ بَنُوهُ بِهَذَا اللَّقَبِ، وَفِي هَذَا كَالتَّلْجِئَةِ لَهُ إِلَى نِكَاحِهَا، لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ فُرِضَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَيْهِ ذَلِكَ، فَرُبَّمَا اسْتَحَى وَخَجِلَ مِنْ شَيْلِ نَعْلِهِ مِنْ رِجْلِهِ وَالْبَصْقِ فِي وَجْهِهِ، وَنَبْذِهِ بِاللَّقَبِ الْمُسْتَكْرَهِ الَّذِي يَبْقَى عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ عَارُهُ، لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ نِكَاحِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنَ الزُّهْدِ فِيهَا وَالْكَرَاهَةِ لَهَا، بِحَيْثُ يَرَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُبْتَلَى بِهَا، وَهَانَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَى نِكَاحِهَا.

هَذَا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَنَشَأَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلْمَرْأَةِ مُحِبًّا لَهَا، وَهِيَ فِي غَايَةِ الْكَرَاهَةِ لَهُ، فَأَحْدَثُوا بِهَذَا الْفَرْعِ حُكْمًا فِي غَايَةِ الظُّلْمِ وَالْفَضِيحَةِ، فَإِذَا جَاءَتْ إِلَى الْحَاكِمِ أَحْضَرُوهُ مَعَهَا وَلَقَّنُوهَا، أَنْ تَقُولَ: إِنَّ حَمْوِي لَا يُقِيمُ لِأَخِيهِ اسْمًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَرُدْ نِكَاحِي، وَهُوَ عَاشِقٌ لَهَا، فَيُلْزِمُونَهَا بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا أَرَادَتْهُ فَامْتَنَعَ - فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَقُومَ وَيَقُولَ: مَا أَرَدْتُ نِكَاحَهَا، وَنِكَاحُهَا غَايَةُ سُؤْلِهِ وَأُمْنِيَتِهِ، فَيَأْمُرُونَهُ بِالْكَذِبِ فَيُخْرِجُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا شَيْلَ هُنَا وَيُبْصَقُ فِي وَجْهِهِ، وَيُنَادَى عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ لَا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ، فَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنْ كَذَبُوا عَلَيْهِ، وَأَقَامُوهُ مَقَامَ الْخِزْيِ وَأَلْزَمُوهُ بِالْكَذِبِ وَالْبُصَاقِ فِي وَجْهِهِ وَالْعِتَابِ عَلَى ذَنْبٍ جَرَّهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، كَمَا قِيلَ:

وَجَرْمٍ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ ... وَحَلَّ بِغَيْرِ جَارِمِهِ الْعَذَابُ

أَفَلَا يَسْتَحِي مِنْ تَعْيِيرِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ هَذَا شَرْعُهُ وَدِينُهُ؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>