للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا وَالْأَوْقَاحُ الَأَرْجَاسُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الضَّالَّةِ تَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اخْتَارَ مَرْيَمَ لِنَفْسِهِ، وَتَخَطَّاهَا كَمَا يَتَخَطَّى الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ.

قَالَ النَّظَّامُ بَعْدَ أَنْ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ: وَهُمْ يُفْصِحُونَ بِهَذَا عِنْدَ مَنْ يَثِقُونَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْإِخْشِيدِ هَذَا عَنْهُمْ فِي الْمَعُونَةِ.

وَقَالَ: إِلَيْهِ يُشِيرُونَ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ وَالِدًا يَكُونُ عَقِيمًا وَالْعُقْمُ آفَةٌ وَعَيْبٌ.

وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِهِمْ، وَإِلَى الْمُبَاضَعَةِ يُشِيرُونَ، وَمَنْ خَالَطَ الْقَوْمَ وَطَاوَلَهُمْ وَبَاطَنَهُمْ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ.

فَهَذَا كُفْرُهُمْ وَشِرْكُهُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَسَبَّتُهُمْ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ فِيهِمْ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَهِينُوهُمْ وَلَا تَظْلِمُوهُمْ، فَلَقَدْ سَبُّوا اللَّهَ مَسَبَّةً مَا سَبَّهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ.

وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَبِّهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: شَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُوَلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>