للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُفِعَ إِلَى اللَّهِ وَمَا طَعِمَ مِنْ لَحْمِهِ وَزْنَ شَعِيرَةٍ، وَالنَّصَارَى تَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِأَكْلِهِ.

وَالْمَسِيحُ مَا شَرَعَ لَهُمْ هَذَا الصَّوْمَ الَّذِي يُصُومُونَهُ قَطُّ، وَلَا صَامَهُ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، لَا صَامَ الْعَذَارَى فِي عُمُرِهِ، وَلَا أَكْلَ فِي الصَّوْمِ مَا يَأْكُلُونَهُ، وَلَا حَرَّمَ مَا يُحَرِّمُونَهُ، وَلَا عَطَّلَ السَّبْتَ يَوْمًا وَاحِدًا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَلَا اتَّخَذَ الْأَحَدَ عِيدًا قَطُّ.

وَالنَّصَارَى تُقِرُّ أَنَّهُ رَقَى مَرْيَمَ الْمَجْدَلَانِيَّةَ فَأَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَ شَيَاطِينٍ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ قَالَتْ لَهُ: أَيْنَ تَأْوِي؟ فَقَالَ لَهَا: اسْلُكِي هَذِهِ الدَّابَّةَ النَّجِسَةَ يَعْنِي الْخِنْزِيرَ. فَهَذِهِ حِكَايَةُ النَّصَارَى عَنْهُ.

وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ مِنْ أَطْهَرَ الدَّوَابِّ وَأَجْمَلِهَا، وَأَطْيَبِهَا.

وَالْمَسِيحُ سَائِرٌ فِي الذَّبَائِحِ وَالْمُنَاكَحِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوَارِيثِ سِيرَةَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ عِنْدَ النَّصَارَى عَلَى مَنْ زَنَى أَوْ لَاطَ أَوْ سَكِرَ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَبَدًا، وَلَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْقِسَّ وَالرَّاهِبَ يَغْفِرُهُ لَهُمْ، فَكُلَّمَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ذَنْبًا أَهْدَى لِلْقِسِّ هَدِيَّةً وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا أَوْ غَيْرَهَا لِيَغْفِرَ لَهُ، وَإِذَا أَذْنَبَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمْ بَيَّتَهَا عِنْدَ الْقِسِّ لِيُطَيِّبَهَا لَهُ، فَإِذَا انْصَرَفَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا أَنَّ الْقِسَّ طَيَّبَهَا، قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا وَتَبَرَّكَ بِهِ.

وَهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ: إِنَّمَا جِئْتُكُمْ لَأَعْمَلَ بِالتَّوْرَاةِ وَبِوَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، وَمَا جِئْتُ نَاقِضًا بَلْ مُتَمِّمًا، وَلَأَنْ تَقَعُ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ أَيْسَرُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ أَنْقُضَ شَيْئًا مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى، وَمَنْ نَقَضَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يُدْعَى نَاقِضًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ.

وَمَا زَالَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اعْمَلُوا بِمَا رَأَيْتُمُونِي أَعْمَلُ، وَوَصُّوا النَّاسَ بِمَا وَصَّيْتُكُمْ بِهِ، وَكُونُوا مَعَهُمْ كَمَا كُنْتُ مَعَكُمْ، وَكُونُوا لَهُمْ كَمَا كُنْتُ لَكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>