مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِبَشَاعَةِ لَفْظِهَا، وَيُعْطَى مَعْنَاهَا وَحَقِيقَتَهَا، وَيَقُولُ: مَرْيَمُ حَبِلَتْ بِالْمَسِيحِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَوَلَدَتِ الْمَسِيحَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ أُمُّ الْمَسِيحِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْمَسِيحُ إِلَهٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَرَبٌّ فِي الْحَقِيقَةِ، وَابْنُ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَكَلِمَةُ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ، لَا ابْنَ لِلَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ، وَلَا أَبَّ لِلْمَسِيحِ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا هُوَ.
قَالُوا: فَهَؤُلَاءِ يُوَافِقُونَ فِي الْمَعْنَى قَوْلَ مَنْ يَقُولُ حَبِلَتْ بِالْإِلَهِ، وَوَلَدَتِ الْإِلَهَ، وَقُتِلَ الْإِلَهُ، وَصُلِبَ الْإِلَهُ وَدُفِنَ الْإِلَهُ، وَإِنْ مَنَعُوا اللَّفْظَ وَالْعِبَارَةَ.
قَالُوا: وَإِنَّمَا مَنَعْنَا هَذِهِ الْعِبَارَةَ الَّتِي أَطْلَقَهَا إِخْوَانُنَا، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَلَيْنَا إِذَا قُلْنَا: حَبِلَتْ بِالْإِلَهِ، وَوَلَدَتِ الْإِلَهَ، وَأُمُّ إِلَهٍ، أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَلَّ وَنَزَلَ بِالْإِلَهِ الَّذِي هُوَ أَبٌ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: حَلَّ هَذَا كُلُّهُ وَنَزَلَ بِالْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ طَوَائِفِنَا إِلَهٌ تَامٌّ مِنْ إِلَهٍ تَامٍّ مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ، فَنَحْنُ وَإِخْوَانُنَا فِي الْحَقِيقَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ بَيْنَنَا إِلَّا فِي الْعِبَارَةِ فَقَطْ، قَالُوا: فَهَذَا حَقِيقَةُ دِينِنَا وَإِيمَانِنَا، وَالْآبَاءُ وَالْقُدْوَةُ قَدْ قَالُوا قَبْلَنَا وَسَنُّوهُ لَنَا وَمَهَّدُوهُ وَهُمْ أَعْلَمُ بِالْمَسِيحِ مِنَّا.
وَلَا يَخْتَلِفُ الْمُثَلِّثَةُ عُبَّادُ الصَّلِيبِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ أَنَّ الْمَسِيحَ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ صَالِحٍ، وَلَكِنَّهُ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ، وَأَنَّهُ إِلَهٌ تَامٌّ مِنْ إِلَهٍ تَامٍّ، وَأَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَرَازِقُهُمْ وَمُحْيِيهُمْ وُمُمِيتُهُمْ وَبَاعِثُهُمْ مِنَ الْقُبُورِ، وَحَاشِرُهُمْ وَمُحَاسِبُهُمْ، وَمُثِيبُهُمْ وَمُعَاقِبُهُمْ.
وَالنَّصَارَى تَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَبَ انْخَلَعَ مِنْ مُلْكِهِ كُلِّهِ، وَجَعْلُهُ لِابْنِهِ، فَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ وَيُرْزُقُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَيُدَبِّرُ أَمْرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ فِي أَمَانَتِهِمْ: ابْنُ اللَّهِ وَبِكْرُ أَبِيهِ، وَلَيْسَ بِمَصْنُوعٍ - إِلَى قَوْلِهِمْ - بِيَدِهِ أُتْقِنَتِ الْعَوَالِمُ وَخَلَقَ كُلُّ شَيْءٍ - إِلَى قَوْلِهِمْ - وَهُوَ مُسْتَعِدٌّ لِلْمَجِيءِ تَارَةً أُخْرَى لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute