مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ أَبْنَائِنَا يَهُودِيٌّ فَخَرَجَ عَلَى نَادِي قَوْمِهِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ذَاتَ غَدَاةٍ فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ وَثَنٍ لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنًا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ! وَهَذَا كَائِنٌ، أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارِكُمْ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَيُجْزَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ؟! فَقَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَنْ تُوقِدُوا أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي دَارِكُمْ تُحْمُونَهُ ثُمَّ تَقْذِفُونِي فِيهِ، وَتُطْبِقُونَهُ عَلَيَّ، وَإِنِّي أَنْجُو مِنَ النَّارِ غَدًا، فَقِيلَ: يَا فُلَانُ، مَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَاحِيَةِ هَذِهِ الْبِلَادِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، قَالُوا: فَمَتَى نَرَاهُ؟ فَرَمَى بِطَرْفِهِ فَرَآنِي، وَأَنَا مُضْطَجِعٌ بِفِنَاءِ بَابِ أَهْلِي، وَأَنَا أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِذْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ، فَمَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ لَحَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنَّا بِهِ وَصَدَّقْنَاهُ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: يَا فُلَانُ، أَلَسْتَ قُلْتَ مَا قُلْتَ، وَأَخْبَرْتَنَا بِهِ؟! قَالَ: لَيْسَ بِهِ....
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، ... عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَّا قَالُوا: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِشَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا، كَانَ مَعَنَا يَهُودُ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَكُنَّا أَصْحَابَ وَثَنٍ، وَكُنَّا بَلَغَنَا مِنْهُمْ مَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثًا الْآنَ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ نَتْبَعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّبَعْنَاهُ وَكَفَرُوا بِهِ فَفِينَا وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ.
وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، ... عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute