قَالَ: فَلَمَّا دَحَضَ بَتْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ حُجَجَ أُولَئِكَ الْمُخَالِفِينَ، وَظَهَرَ لِمَنْ حَضَرَ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ، وَتَحَيَّرُوا وَخَجِلُوا، فَوَثَبُوا عَلَى بَتْرَكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَضَرَبُوهُ حَتَّى كَادَ يَمُوتُ، فَخَلَّصَهُ مِنْ أَيْدِيهِمُ ابْنُ أُخْتِ قُسْطَنْطِينَ، وَهَرَبَ بَتْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَصَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ أَحَدٍ مِنَ الْأَسَاقِفَةِ، ثُمَّ أَصْلَحَ دُهْنَ الْمِيرُونِ، وَقَدَّسَ الْكَنَائِسَ وَمَسَحَهَا بِدُهْنِ الْمِيرُونِ، وَسَارَ إِلَى الْمَلِكِ وَأَعْلَمَهُ بِالْخَبَرِ فَصَرَفَهُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْبِطْرِيقِ: وَأَمَرَ الْمَلِكُ بِأَنْ لَا يَسْكُنَ يَهُودِيٌّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَا يَجُوزَ بِهَا، وَمَنْ لَمْ يَتَنَصَّرْ قُتِلَ، فَظَهَرَ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ وَتَنَصَّرَ مِنَ الْيَهُودِ خَلْقٌ كَثِيرٌ. فَقِيلَ لِلْمَلِكِ: إِنَّ الْيَهُودَ يَتَنَصَّرُونَ مِنْ خَوْفِ الْقَتْلِ وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، فَقَالَ: كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ بُولُسُ الْبَتْرَكُ: إِنَّ الْخِنْزِيرَ فِي التَّوْرَاةِ حَرَامٌ وَالْيَهُودُ لَا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، فَأْمُرْ أَنْ تُذْبَحَ الْخَنَازِيرُ وَتُطْبَخَ لُحُومُهَا، وَيُطَعَمَ مِنْهَا الْيَهُودُ، فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ عُلِمَ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ.
فَقَالَ الْمَلِكُ: إِذَا كَانَ الْخِنْزِيرُ حَرَامًا، فِي التَّوْرَاةِ فَكَيْفَ يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَأْكُلَهُ وَنُطْعِمَهُ النَّاسَ؟ فَقَالَ لَهُ بُولُسُ: فَإِنَّ سَيِّدَنَا الْمَسِيحِ قَدْ أَبْطَلَ كُلَّ مَا فِي التَّوْرَاةِ، وَجَاءَ بِنَامُوسٍ وَبِتَوْرَاةٍ جَدِيدَةٍ وَهُوَ الْإِنْجِيلُ.
وَفِي إِنْجِيلِهِ: إِنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْبَطْنَ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا نَجِسٍ، وَإِنَّمَا يُنَجِّسُ الْإِنْسَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ.
وَقَالَ بُولُسُ: إِنَّ بُطْرُسَ رَئِيسَ الْحَوَارِيِّينَ بَيْنَا هُوَ يُصَلِّي فِي سِتِّ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، وَقَعَ عَلَيْهِ سُبَاتٌ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ قَدْ تَفَتَّحَتْ، وَإِذَا بِإِزَارٍ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى بَلَغَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute