للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسْطُورِسَ، وَكَانَ رَأْيُهُ: أَنَّ مَرْيَمَ لَيْسَتْ بِوَالِدَةِ الْإِلَهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا الْإِلَهُ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ مِنَ الْأَبِ، وَالْآخَرُ إِنْسَانٌ وَهُوَ الْمَوْجُودُ مِنْ مَرْيَمَ.

وَأَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهُ الْمَسِيحُ، مُتَوَحِّدٌ مَعَ ابْنِ الْإِلَهِ، وَيُقَالُ لَهُ إِلَهٌ، وَابْنُ الْإِلَهِ لَيْسَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَكِنْ مَوْهِبَةٌ، وَاتِّفَاقُ الِاسْمَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَامَةِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ بَتَارِكَةَ سَائِرِ الْبِلَادِ فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُرَاسَلَاتٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَخْطِيئِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَجْمَعُوا عَلَى لَعْنِهِ فَلَعَنُوهُ وَنَفَوْهُ، وَبَيَّنُوا: أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ إِلَهًا، وَأَنَّ الْمَسِيحَ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، وَهُوَ إِنْسَانٌ وَلَهُ طَبِيعَتَانِ، فَلَمَّا لَعَنُوا نَسْطُورِسَ غَضِبَ لَهُ بَتْرَكُ أَنْطَاكِيَا فَجَمَعَ الْأَسَاقِفَةَ الَّذِينَ قَدِمُوا مَعَهُ وَنَاظَرَهُمْ وَقَطَّعْهُمْ، فَتَقَاتَلُوا وَتَلَاعَنُوا وَجَرَى بَيْنَهُمْ شَرٌّ، وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُمْ، فَلَمْ يَزَلِ الْمَلِكُ حَتَّى أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، فَكَتَبَ أُولَئِكَ صَحِيفَةً: إِنَّ مَرْيَمَ الْقِدِّيسَةَ وَلَدَتْ إِلَهًا، وَهُوَ رَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي هُوَ مَعَ اللَّهِ فِي الطَّبِيعَةِ وَمَعَ النَّاسِ فِي النَّاسُوتِ. وَأَقَرُّوا بِطَبِيعَتَيْنِ، وَبِوَجْهٍ وَاحِدٍ، وَأُقْنُومٍ وَاحِدٍ، وَأَنْفَذُوا لَعْنَ نَسْطُورِسَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>