ذَلِكَ، فَإِذَا حَضَرَ فَلْيُقِرَّ بِلَعْنَةِ مَنْ لَعَنَهُ الرُّهْبَانُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ الرُّهْبَانُ وَكَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ رَاهِبٍ وَمِنْهُمْ يَدْرُسُ، وَسَابَا وَرُؤَسَاءُ الدِّيَارَاتِ فَلَعَنُوا أُوطِيسُوسَ، وَسُورُسَ وَنَسْطُورِسَ وَمَنْ لَا يَقْبَلُ الْمَجْمَعَ الْخَلْقَدُونِيَّ.
وَفَزِعَ رَسُولُ الْمَلِكِ مِنَ الرُّهْبَانِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَلِكَ، فَهَمَّ بِنَفْيِ يُوحَنَّا، فَاجْتَمَعَ الرُّهْبَانُ وَالْأَسَاقِفَةُ فَكَتَبُوا إِلَى انِسْطَاسَ الْمَلِكِ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مَقَالَةَ سُورُسَ، وَلَا أَحَدًا مِنَ الْمُخَالِفِينَ وَلَوْ أُهْرِيقَتْ دِمَاؤُهُمْ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَكُفَّ أَذَاهُ عَنْهُمْ.
وَكَتَبَ بَتَرْكُ رُومِيَّةَ إِلَى الْمَلِكِ بِقُبْحِ فِعْلِهِ وَبِلَعْنِهِ، فَانْفَضَّ هَذَا الْمَجْمَعُ أَيْضًا، وَقَدْ تَلَاعَنَ فِيهِ هَذِهِ الْجُمُوعُ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ.
وَكَانَ لِسُورُسَ تِلْمِيذٌ يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ، وَيَقُولُ مَقَالَةَ سُورُسَ وَكَانَ يُسَمَّى: يَعْقُوبُ الْبَرَادِعيُّ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْيَعَاقِبَةُ، فَأَفْسَدَ أَمَانَةَ النَّصَارَى.
ثُمَّ مَاتَ انِسْطَاسَ وَوَلِيَ قُسْطَنْطِينُ، فَرَدَّ كُلَّ مَنْ نَفَاهُ انِسْطَاسُ الْمَلِكُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَاجْتَمَعَ الرُّهْبَانُ، وَأَظْهَرُوا كِتَابَ الْمَلِكِ وَعَيَّدُوا عِيدًا حَسَنًا بِزَعْمِهِمْ وَأَثْبَتُوا الْمَجْمَعَ الْخَلْقَدُونِيَّ بِالسِّتِّمِائَةِ وَالثَّلَاثِينَ أُسْقُفًّا.
ثُمَّ وَلِيَ آخَرُ، وَكَانَتِ الْيَعْقُوبِيَّةُ قَدْ غَلَبُوا عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَقَتَلُوا بَتْرَكًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: بُولُسُ كَانَ مَلِكِيًّا، فَأَرْسَلَ قَائِدًا وَمَعَهُ عَسْكَرٌ عَظِيمٌ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَدَخَلَ الْكَنِيسَةَ فِي ثِيَابٍ الْبَتْرَكَةِ، وَتَقَدَّمَ وَقَدَّسَ فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى كَادُوا يَقْتُلُونَهُ، فَانْصَرَفَ، ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُمْ مِنْ بَعْدُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ قَدْ أَتَاهُ كِتَابُ الْمَلِكِ، وَضَرَبَ الْحَرَسَ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ يَوْمَ الْأَحَدِ فِي الْكَنِيسَةِ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَّا حَضَرَ لِاسْتِمَاعِ كِتَابِ الْمَلِكِ، وَقَدْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُنْدِهِ عَلَامَةً إِذَا هُوَ فَعَلَهَا أَوْضَعُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute