للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقِيقَةِ وَجُحُودًا لَهُ، فَلَا يُمْكِنُ الْإِقْرَارُ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ، بَلْ وَلَا بِوُجُودِهِ، مَعَ تَكْذِيبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ فِي الْمُنَاظَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، فَلَا يُجَامِعُ الْكُفْرُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِقْرَارَ بِالرَّبِّ تَعَالَى، وَصِفَاتِهِ أَصْلًا، كَمَا لَا يُجَامِعُ الْكُفْرَ بِالْمَعَادِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، الْإِقْرَارَ بِوُجُودِ الصَّانِعِ أَصْلًا، وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي كِتَابِهِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ.

وَالثَّانِي فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ.

فَالرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِنَّمَا جَاءَ بِتَعْرِيفِ الرَّبِّ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَالتَّعْرِيفِ بِحُقُوقِهِ عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ أَنْكَرَ رِسَالَتَهُ فَقَدْ أَنْكَرَ الرَّبَّ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ وَحُقُوقَهُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا، بَلْ نَقُولُ: لَا يُمْكِنُ الِاعْتِرَافُ بِالْحَقَائِقِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مَعَ تَكْذِيبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا لِمَنْ تَأَمَّلَ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَدْيَانِهِمْ، فَإِنَّ الْفَلَاسِفَةَ لَمْ يُمْكِنْهُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>