أَخْرَقَ، وَالرَّشِيدَ سَفِيهًا، وَالْحَسَنَ قَبِيحًا، وَالْقَبِيحَ حَسَنًا، لِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي أَصْلِ عَقِيدَتِهِ الَّتِي جَرَى نَشْؤُهُ عَلَيْهَا الْإِسَاءَةُ إِلَى الْخَلَّاقِ، وَالنَّيْلُ مِنْهُ، وَسَبُّهُ أَقْبَحَ مَسَبَّةٍ، وَوَصْفُهُ بِمَا يُغَيِّرُ صِفَاتِهِ الْحُسْنَى، وَأَخْلَقُ بِهِ أَنْ يَسْتَهِلَّ الْإِسَاءَةَ إِلَى مَخْلُوقٍ، وَأَنْ يَصِفَهُ بِمَا يُغَيِّرُ صِفَاتِهِ الْجَمِيلَةَ.
وَلَوْ لَمْ تَجِبْ مُجَاهَدَةُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا لِعُمُومِ أَضْرَارِهِمُ الَّتِي لَا تُحْصَى وُجُوهُهُ، كَمَا يَجِبُ قَتْلُ الْحَيَوَانِ الْمُؤْذِي بِطَبْعِهِ، لَكَانُوا أَهْلًا لِذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الَّذِي اخْتَارُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَلَى تَعْظِيمِهِ وَتَنْزِيهِهِ وَإِجْلَالِهِ وَوَصْفِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، الَّذِينَ اخْتَارُوا الْكُفْرَ بِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَجَحَدُوا نُبُوَّتَهُ، وَالَّذِينَ اخْتَارُوا عِبَادَةَ صُوَرٍ خَطُّوهَا بِأَيْدِيهِمْ فِي الْحِيطَانِ، مُزَوَّقَةٍ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَزْرَقِ، لَوْ دَنَتْ مِنْهَا الْكِلَابُ لَبَالَتْ عَلَيْهَا، فَأَعْطَوْهَا غَايَةَ الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ وَالْخُشُوعِ وَالْبُكَاءِ، وَسَأَلُوهَا الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ وَالنَّصْرَ، هُمُ الَّذِينَ اخْتَارُوا التَّكْذِيبَ بِخَاتَمِ الرُّسُلِ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَالَّذِينَ نَزَّهُوا مَطَارِنَتَهُمْ وَبَتَارِكَتَهُمْ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَنَحَوْهُمَا لِلْفَرْدِ الصَّمَدِ، هُمُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ عَبْدِهِ وَخَاتَمِ رُسُلِهِ. وَالَّذِينَ اخْتَارُوا صَلَاةً يَقُومُ أَعْبَدُهُمْ وَأَزْهَدُهُمْ إِلَيْهَا، وَالْبَوْلُ عَلَى سَاقِهِ وَأَفْخَاذِهِ فَيَسْتَقْبِلُ الشَّرْقَ ثُمَّ يُصَلِّبُ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَعْبُدُ الْإِلَهَ الْمَصْلُوبَ، وَيَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِ: يَا أَبَانَا أَنْتَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute